عبدالله العولقي

يتساءل البعض عن ارتباط مسمى العالمية مع الغرب، هل هي ثنائية واقعية أم خديعة اختلقها الغرب من أجل فرض هيمنته على الآخر؟، في العصر الحديث، اندلعت حروب عديدة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، بيد أنها لا تسمى عالمية إلا إذا اندلعت من أوروبا، مركزية الغرب قبل أن تتحول هذه المركزية إلى الولايات المتحدة، فهكذا يرى الغرب نفسه هو العالم أو هو مركز الكون.

جاءت تسمية منطقتنا بالشرق الأوسط من خلال جهويته بالنسبة للمركز الجغرافي في الغرب، وعلى الرغم أن الأرض كروية الشكل وكل مكان بها يصلح كمركز زمني للتوقيت الأرضي إلا أن التوقيت الدولي يحسب عبر خط غرينتش، وهو خط افتراضي يمر في مدينة غرينتش في لندن، ويقسم العالم إلى شطرين تماماً، باعتبار العاصمة البريطانية مركز الزمنية العالمية!!.

هذه الهيمنة الثقافية قد تفرض على الآخر بقصد أم بغير قصد انهزامية ذهنية، سواءً في آسيا أو أفريقيا أو أمريكا اللاتينية، ففي ثقافتنا العربية مثلاً، نطلق على الممثل لقب العالمي إذا ظهر في أحد أفلام هوليود، ولهذا وعى الفنان الراحل عمر الشريف هذه الظاهرة، وهو ممثل كبير وله أدوار بارزة في سينما الغرب، فقد تساءل ذات مرة أثناء أحد لقاءاته التلفزيونية عن معنى عالمي؟، ولماذا يطلق عليه هذا اللقب إذا جاء إلى موطنه مصر أو زار إحدى الدول العربية بينما تتلاشى هذه الظاهرة عندما يذهب إلى الغرب ليجد اسمه مجرداً من هذه السمة!!.

يرى الغرب ذاته بمنظار المركزية العالمية، ويكسب ثقافته سمة الرقي والعالمية ولا يتفهم على الإطلاق نقاشه حول سلبيته أو جداله تجاه أخطائه وزلاته، وهذه السمة تفسر العديد من سلوكيات الغرب تجاه الآخر، فعندما قررت أوبك بلص تخفيض إنتاج النفط من أجل استقرار الأسواق الدولية ومنعها من الانهيار، اعتبرت واشنطن ذلك بمثابة الانحياز لصالح موسكو دون النظر للاعتبارات الأخرى كون القرار اقتصاديا بحتا ولا يتعلق بالشؤون السياسية الدولية بالإضافة إلى أنه قرار منظومة كاملة ولا يخص دولة بعينها، ولكنها النظرة الثقافية الغربية الغريبة!!.

وفي الختام،، هل تغير الحرب الروسية الأوكرانية هذه المركزية أو العالمية الغربية؟، وهل يتمكن التنين الصيني من الصمود أمام العقوبات الغربية التي تهدف إلى إيقاف صعوده تجاه الصدارة الدولية وتغيير بوصلة العالم تجاه الشرق؟، الأمر يتعلق أيضاً بالنظام الدولي، فهناك حديث إعلامي ثمين حول ضرورة إصلاح هيئة الأمم المتحدة، وأنها لم تعد تتلاءم مع الوضعية الدولية الحالية، أو بمعنى آخر، لم تعد العالمية هي الغرب، فهناك الشرق أيضاً.

@albakry1814