إلى أين تأخذنا الحياة بتقلباتها، وعلى أي شاطئ من شواطئها ترسو بنا سفينتها؟ تغيرات متسارعة في حياة الناس برزت مع وجود التقنية، وباتت هذه المتغيرات تؤثر على علاقات الناس وتعاملاتهم.. الأحاديث التي قيلت قبل أكثر من 1400 سنة تتكرر اليوم.. وها نحن نعيش يومياتها، ونشاهد آثارها.
في الحديث الشريف يا سادة ذكر نبيكم الكريم - عليه الصلاة والسلام - فتن آخر الزمان وعد منها: «لا يأمنُ الرَّجل جليسَهُ»..
حديث يبين خطورة الممارسات الطارئة على علاقاتنا، فنحن نعيش في زمن يستوجب الحذر.. حذرا من القريب قبل البعيد، والصديق قبل العدو، ويصل الحذر حتى ممن تجالسه سواء في المجالس الواقعية أو في مجالس العالم الافتراضي في الاتصالات وميادين الدردشات..
مربط الفرس هذه الجملة (حين لا يأمن الرجل جليسَه)... الحديث يتحدث عن (خيانة المجالس).. يقول الحسن البصري رحمه الله: «إنما تُجالسوننا بالأمانة، كأنكم تظنون أن الخيانة ليست إلا في الدينار والدرهم، إن الخيانة أشد الخيانة أن يجالسنا الرجل، فنطمئن إلى جانبه، ثم ينطلق فيسعى بنا».
عندما تتحدث مع صديق لك فيقوم بنقل حديثك إلى الناس فتلك مصيبة..
عندما تصور الجالسين في المجلس أو تسجل أصواتهم دون علمهم وإذنهم.. فتلك خيانة تستوجب التوبة..
عندما تصور (الدردشات) ثم تنشرها فتلك خطيئة لا يغسلها اعتذار عابر...
عند فتح مكبر الصوت (السبيكر) دون علم المتحدث ليسمع حديثه الآخرون فذاك خطأ عليك وزره.!
حينما يكون هم الجليس (التصيد) على جلسائه بتسجيل فيديو أو تصوير محادثة أو نشر مقطع صوتي خاص... ثم ينشره ويورط الناس، فتلك ممارسات صبيانية لا يكفرها اعتذار، ولا يمسح أثرها عفو.
في الأثر (المجالس بالأمانة). أي أن ما يجري في المجالس أنت مؤتمن عليه، وهو بمثابة السر غير القابل للنسخ والتداول... فكيف بمن ينشر ويزيد ويقص ويجري التغييرات الكيدية ابتغاء الفتنة والفضيحة؟!
وأخيراً..
ما أجمل الحِكم التي تحض على أخذ الحيطة والحذر من الأصدقاء فقد قيل:
احذر عدوك مرة، واحذر صديقك ألف مرة.
ويقول هتلر: الصديق الذي يتحول فجأة إلى عدو، كان حاقدًا منذ البداية، ولكنه كان بارعًا في التمثيل والنفاق.
* قفلة..
قال أبو البندري غفر الله له:
الصديق الذي تنتهي صلاحيته بانتهاء مصلحته.. هو صديق لئيم!!