د. حنان عابد

يجنح كثيرٌ من الناس في أوقات الأزمات إلى الإمساك عن الاستثمار، مخافة التعرض لمخاطر وخسائر تتعاظم مع تعاظم الأزمة واشتدادها. ولكن ما لا ينتبه إليه كثيرون أيضاً أن الأزمات بحد ذاتها تعتبر- كما كانت دوماً وكما ستظل دائماً- فرصاً لقفزات تجارية كبرى، فلطالما أنجبت الأزمات الكبرى رجال أعمال كبارا.

ومن هنا فإن المفهوم الخاطئ حول تأثير أخبار الأحداث على المستثمرين، هو مفهوم سطحي قد يطلقه من لا معرفة لديهم بعقلية المستثمر الناجح. الاستثمار في أساسه مخاطرة، حتى في أوقات السلم، ومن هنا فإن المستثمر في الأساس مغامر وجريء، ومن يمتلك القدرة على المغامرة دون خوف فلن ترهبه نشرات الأخبار العالمية.

في أوقات الأزمات يتطلع الناس إلى خدمات جديدة، قد تكون جديدة جزئياً أو كلياً. وفي أوقات الأزمات أيضاً تترنح شركات لم تقم بالتحضير للأزمة، وبينما كانت شركات أخرى قد صمدت في مواجهة العاصفة، فإنها سرعان ما تحل محلها.

الأزمات ليست نهاية للتجارة، ولا هي جنازة للأعمال، والمستثمر الذي ينظر إلى الأزمات من هذه الزاوية سيجد نفسه -ودون أدنى شك- خارج السوق ربما حتى مع بداية الأزمات في العالم، وبداية تأثيرها على الاقتصاد العالمي.

لا يمكن أن نتجاهل تأثير الحنكة التجارية لدى من خبروا العمل التجاري لعقود، فهؤلاء وهم عادةً من يكونون كبار السوق، يمتلكون قدراً عالياً من الفهم العميق للشكل الذي يجب أن تسير به الأمور في مؤسساتهم في حال اندلعت في العالم أزمات كبرى.

كانت جائحة كوفيد- 19 خير برهان على صمود شركات كثيرة في وجه الجائحة، وتهاوي آلاف الشركات وإلى الأبد. وعندما تقع أزمة، على المستثمر أن يدرك أن المخاطرة تحتمل النجاح والفشل، بينما عدم المخاطرة سيؤدي بكل تأكيد إلى الفشل، لأن الأزمات تؤثر بالضرورة على الأفراد.

من ناحية أخرى، فإن السوق المحلي الذي لطالما استفاد منه المستثمر، هو سوقٌ له حق عند المستثمر، ولهذا ففي وقت الأزمات تملي المبادئ الأخلاقية على المستثمر أن يبادر إلى العمل المضاعف وإلى بذل كافة الإمكانات للحفاظ على تماسك السوق الذي هو في النهاية المشغل للأفراد لكي يعيشوا هم وأسرهم.

@hananabid10