خالد الشنيبر

@Khaled_Bn_Moh

اقتصاد الأعمال المستقلة (Gig Economy) يسمى أيضا اقتصاد العمل الحر، وهو الاقتصاد الذي يعتمد على الوظائف المرنة والمؤقتة، وتعتبر الخدمة المستقلة أو ما يعرف بـ «Freelancing” من أهم أنماط العمل الحديث وأكثرها شيوعا، ففي السابق كان العمل الحر عشوائيا وبدون أي تنظيم، ولذلك أطلقت وزارة الموارد البشرية قبل عدة سنوات منصة خاصة لإصدار وثائق العمل الحر في إطار مبادراتها لتحسين وتطوير بيئة العمل الحر في المملكة.

بالعودة لأيام أزمة فيروس الكورونا، مر سوق العمل في جميع اقتصادات العالم بمرحلة حرجة بسبب تداعيات أزمة فيروس الكورونا، التي عصفت بكثير من المنشآت وأدت إلى حالة أشبه بالشلل في كثير من القطاعات، وخسرت اقتصادات العالم العديد من الوظائف الداخلية، وكان لتواجد تنظيم العمل الحر في المملكة أثر كبير في تخفيف تلك التداعيات على المنشآت والأفراد، وهذا الأمر يحسب بشكل إيجابي لوزارة الموارد البشرية والتي عملت على هذا التنظيم والرفع من موثوقيته في قطاع الأعمال.

منصة العمل الحر والتي تشرف عليها وزارة الموارد البشرية لها دور كبير في تنظيم «العمل الحر»، ورفع مستوى الأمان والمصداقية لهذا النوع من الأعمال، ولها دور رئيسي في تمكين أصحاب المؤهلات والخبرات لتقديم خدماتهم لمجتمع الأعمال والأفراد، مما ينتج من ذلك رفع فرص زيادة الدخل للأفراد، وكوجهة نظر شخصية أرى أن هذه المنصة من أهم الأذرعة في رفع مستويات التراكم المعرفي للسعوديين في سوق العمل في عدة تخصصات معتمدة.

وجود تنظيم لمثل هذا النوع من الأعمال يعتبر داعما رئيسيا لنجاح وتوسع العديد من المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، حيث إن له دورا كبيرا في الوصول لقوة عاملة ماهرة في مختلف التخصصات، وملء فجوات الخبرة لدى المنشأة بأقل التكاليف التشغيلية، والتعامل مع ضغوطات العمل الموسمية والمشاريع قصيرة المدى، وأيضا يعتبر داعما للباحثين عن العمل في تنويع فرصهم للتحول إلى أصحاب للأعمال بدلا من الاعتماد فقط على انتظار الوظيفة.

وفقا لآخر إحصائيات عن المنصة حتى نهاية الربع الثالث من هذا العام، تجاوز عدد وثائق العمل الحر المصدرة ١.٨٥٠.٠٠٠ وثيقة، وبلغ عدد المسجلين في المنصة ما يقارب ١.٦٥٠.٠٠٠ مستقل في أكثر من ٢٧٠ مهنة، منهم ما يقارب ٦٧ ٪ «إناث»، وتلك المؤشرات تعكس مدى نجاح المنصة في تحقيق مستهدفاتها خلال تلك المرحلة، ومن المتوقع أن نشهد أرقاما أعلى من ذلك خلال السنوات القادمة والتي تغيرت فيها نماذج الأعمال في كثير من الأنشطة.

كوجهة نظر شخصية، المرحلة التالية من هذا البرنامج تستدعي إضافة تخصصات في المنصة بشكل أكبر خاصة التخصصات الحديثة، وهذا الأمر يتم بالتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى ذات العلاقة بالتخصص، وأيضا تستدعي وجود معارض دورية في مناطق المملكة الرئيسية مختصة للمستقلين لعرض خدماتهم على مجتمع الأعمال، وتشمل ورش عمل توعوية في أهمية وجود هذا النمط من الأعمال والذي يزداد توسعا ويشهد تطورا ملحوظا في جميع أنحاء العالم، خاصة في الاقتصادات التي تتمتع ببنية رقمية متطورة.

ختاما، ربط منصة العمل الحر مع ما يعرف بـ «بنك الوقت» سيكون له أثر إيجابي كبير في رفع مستويات الترابط المجتمعي، وسيكون له أثر كبير في تبادل الخبرات بين أفراد المجتمع، وسيدعم من نجاح المنشآت متناهية الصغر بالإضافة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.