حسام أبو العلا - القاهرة

انتقد سياسيون وبرلمانيون ليبيون قرار رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبد الحميد الدبيبة بتعيين المدعو عماد الطرابلسي قائد إحدى الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس، وزيرًا للداخلية، ولفت بعضهم إلى أن «مكانه السجن».

وأكدوا في حديثهم لـ«اليوم» أنها خطوة تصعيدية في الصراع مع الحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا.

وقال عضو مجلس النواب الليبي على التكبالي: بلا شك هو قرار استفزازي، خصوصًا أن عماد الطرابلسي الذي كُلف بمنصب وزير الداخلية في حكومة الدبيبة، قائد لميليشيات الأمن المركزي، وهو ما يعكس استمرار الأخير في الاحتماء بالميليشيات، ما ينذر بمواجهة مسلحة مع قوات حكومة باشاغا حول إدارة السلطة في العاصمة طرابلس.

إضرار بالعلاقات الخارجية

أضاف التكبالي: تُعد هذه الخطوة ضمن التجاوزات التي تنتهجها حكومة الدبيبة غير الشرعية، والتي سبقها إبرام اتفاقيات مع الحكومة التركية في مخالفة واضحة للقوانين الدوليةـ إذ إنها غير مخولة بالنظر في أي اتفاقيات أو قرارات جديدة أو سابقة، وهو ما يضر باستقرار العلاقات الخارجية للدولة الليبية.

عضو مجلس النواب الليبي على التكبالي - اليوم

وقال الدبلوماسي والسياسي الليبي د. رمضان البحباح: لن تعود ليبيا إلى طريق الاستقرار في ظل وجود حكومة غير شرعية تتمسك بالسلطة، بينما لا تستطيع أخرى شرعية مكلفة من مجلس النواب ممارسة حقوقها.

وشدد على أن الدبيبة يعول على استمرار قوة الميليشيات وكسب ولائهم ليظلوا خط الدفاع الأول عنه، لذا اختار من بينهم مسؤولين في حكومته وكان آخرهم وزير الداخلية.

وأوضح أن تاريخ الطرابلسي ملطخ بالجرائم، إذ أدانه تقرير خبراء الأمم المتحدة المعني بليبيا عام 2018.

قرار يشعل صراعًا مسلحًا

رأى الخبير في الشؤون الليبية محمد الشريف، أن قرار الدبيبة سيصب مزيدًا من الزيت على النار في الصراع بينه وحكومة فتحي باشاغا، إذ يعكس تشبث الأول بمنصبه ورفضه فكرة التخلي عنه، مع إصراره على التصعيد والمواجهة العسكرية ما قد يسقط ليبيا مجددًا في فخ الفوضى.

الدبلوماسي والسياسي الليبي د. رمضان البحباح - اليوم

وأشار إلى أن الدبيبة يكافئ عماد الطرابلسي بهذا المنصب الحساس والمهم في هذه المرحلة شديدة التعقيد، إذ إن ميليشيا «الأمن المركزي» التي كان يقودها الطرابلسي في جنوب غرب العاصمة طرابلس كان لها دور بارز في التصدي للقوات الموالية لحكومة فتحي باشاغا أثناء محاولاتها المتكررة دخول العاصمة لتسلم السلطة.

بدوره، قال المستشار السابق للمجلس الأعلى للدولة أشرف الشح، إن قيام الدبيبة بتعيين الطرابلسي وزيرًا للداخلية هو بداية النهاية لحكومته.

انتكاسة خطيرة لحقوق الإنسان

ما سبق من مخاوف بانجراف البلاد إلى مواجهة مسلحة ربما تشتعل بين حكومتي بنغازي وطرابلس، ذهب إليه رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أحمد حمزة، بالقول: إن عماد الطرابلسي مكانه الطبيعي خلف قضبان المحاكم وليس وزيرًا أو مسؤولًا في وزارة الداخلية.

ووصف قرار الدبيبة بأنه يمثل انتكاسة خطيرة لقيم حقوق الإنسان وسيادة القانون والعدالة، ونقطة سوداء في التاريخ والعدالة وحقوق الإنسان في ليبيا.

الخبير في الشؤون الليبية محمد الشريف - اليوم

ولفت إلى أن الطرابلسي أحد أبرز مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في ليبيا، وصاحب السجل الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان وسيادة القانون.

وأضاف أنه لا يمكن القبول بتعيين شخصيات عليها تحفظات قانونية وحقوقية.

وتابع: الدبيبة بات لا يعير أي أهمية لالتزامات الدولة القانونية والحقوقية، ويمعن في تمكين مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان في المناصب السيادية والأمنية بحكومته التي تغتصب السلطة، مقابل شراء الولاءات والذمم لحمايته وضمان بقائه في السلطة المغتصبة كأمر واقع يفرض وجوده بقوة السلاح.

وأشار إلى أنه يتحالف مع خارجين عن القانون ومرتكبي انتهاكات وجرائم في ليبيا، ولا يعير أي أهمية لحقوق الضحايا المتضررين.