د. شلاش الضبعان

@shlash2020

يقول عطية الزهراني: عام ١٤١٨ نزلت من الباحة متوجها إلى عملي بجدة يوم جمعة، وأثناء مروري ببني مالك، إذا شاب على الطريق يشير بيده! توقفت عنده، فقال: يا عم أريد الطائف!

قلت: تفضل.

قال: كم مشوارك؟

طلبت منه أن يركب وقلت: ما أحتاج فلوس.

فجأة إذا بامرأة تخرج من بين أشجار قريبة وتبكي، وتطلب مني المحافظة على ابنها، فطمأنتها وأعطت ابنها مصروفا، وخلال الطريق تبين أن الولد هو الابن الوحيد والباقي بنات وهم أيتام ويرغب في إكمال دراسته الجامعية بجدة، وصلنا جدة وأسكنته عندي في البيت حوالي الأسبوع حتى أنهى أوراق قبوله، ثم انتقل للسكن مع الطلاب وكنت أزوره بين الحين والآخر وأتفقد أحواله، بعد اطمئناني عليه قطعتني ظروف الحياة مدة سبع سنوات، وتفاجأت بعدها برجل يسلم علي ويعرفني بنفسه إنه مهندس معماري، فإذا هو الشاب الذي نقله معه عام 1418 هـ.

دعاه لحفلة تخرجه التي أقامها أقاربه وقال: أنت في مقام أبوي، وفي كلمته بالحفل روى قصته مع عطية وأخذ يشكر ويدعو وأهدى له هدية ثمينة وقال: سأموت ما رددت جميلك!

هذه القصة ذكرها الأستاذ فلاح الوتيد الشهراني في موقع التواصل الاجتماعي تويتر، ولجمالها ومعانيها الراقية نقلتها من خلال هذا المقال، هنيئا لعطية هذا الأجر والفخر، وشكرا للناقل، والحقيقة أن من عرف مجتمعنا حق المعرفة يدرك أن مثل هذه القصة الراقية غير مستغربة، فنحن في مجتمع يعبق مكارم رجال ونساء نفخر بهم ونفاخر، ولي وسم على تويتر اسمه (#هذا_هو_مجتمعنا) لا يكاد يتوقف من ذكر مكارم وطن المكارم.

الأهم ألا نيأس فنتشاءم أمام الأخبار والقصص السيئة والمسيئة التي تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فمجتمعنا خير، وهذه القصة هي واحدة من قصص المكارم التي بعضها عرف وبعضها لم يظهر، ولكن كل الدلائل تتحدث بخيرية هذا المجتمع ولله الحمد، ومن علاج الظواهر السلبية في حال وجودها محاصرتها بنشر القصص المشرقة، التي ترسخ الثقة ومبدأ القدوة، كما أن في التخويف الحاصل من البعض والمبالغة بالحديث عن الظواهر السلبية في كل مجلس واقعي وافتراضي تسببا في توقف المعروف وبالتالي موت المجتمع، فإنما تحيا المجتمعات بكرامها ومكارمها.