د. لمياء البراهيم

في أوروبا، على الرغم من أن النساء يشغلن نسبة كبيرة من القوى العاملة إلا أن الإحصاءات الحديثة تشير إلى أنهن غير ممثلات بدرجة كبير في الوظائف القيادية (Alimo-Mercalf)

في العديد من الدراسات عندما يطلب الباحثون من الجنسين رسم صورة القائد، ظهر التحيز اللا واعي، فهم دائمًا يرسمون شخصية ذكورية، وتقنين لدور المرأة القيادية وفعاليتها خصوصًا في القطاع العام على الوظائف الإدارية الوسطى (قرو ومنتقومري 2008) في نظرية نموذج مكان المرأة، وفي نموذج التمييز كان التنظيم من خلال الهياكل التنظيمية والممارسات التي تسبب التحيز ضد المرأة.

منذ نهاية عام 2015، انطلقت المسيرة التي وعد بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وعنت بمراجعة التشريعات التي تخص المرأة، ومن ثم تمكين المرأة، فحققت المملكة قفزات نوعية وزيادة مشاركتها الاقتصادية في سوق العمل، وانعكست الجهود والتشريعات الإصلاحية التي تمت خلال السنوات الأخيرة وفق رؤية المملكة 2030 على مستهدفات تمكين المرأة، حيث بلغ معدل المشاركة الاقتصادية للإناث السعوديات من 15 سنة فما فوق 35.6 % بالربع الثاني لعام 2022، في حين تضاعفت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 33.7% متجاوزين بذلك مستهدف الرؤية لعام 2030 للوصول إلى نسبة 30%، كما بلغت نسبة النساء في المناصب الإدارية المتوسطة والعليا 39.6% في القطاعَين العام والخاص خلال العام الماضي 2021.

كما أن مشروع تحقيق التوازن بين الجنسين في الخدمة المدنية استهدف التركيز على البيئة الممكنة، المستوى المؤسسي، والمستوى المجتمعي/ الفردي، وتمّ تحليل البيئة التمكينية والأطر التنظيمية والتشريعية والسياسات والأنظمة واللوائح لتحديد الفجوات التي تحد من تكافؤ الفرص بين الجنسين، وتقييم الاحتياجات التدريبية، وتقديم التوصيات في ممارسات وإجراءات الموارد البشرية التي تحقق تكافؤ الفرص بين الجنسين.

وهدفت مبادرة التدريب والتوجيه القيادي من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية إلى رفع نسبة النساء في المناصب القيادية المتوسطة والعليا تحقيقًا لأهداف زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل عن طريق تدريب الكوادر النسائية في مختلف القطاعات، سواء في القطاع العام أو الخاص؛ بهدف توفير بيئة مثالية تمكنهن من الحصول على المعلومات التي من شأنها إثراء المعرفة لدى القيادية.

ورغم الاهتمام الحكومي الكبير بتمكين المرأة في المناصب القيادية إلا أنه ما زال يُثار جدل حول ذلك ليس لملاءمة المرأة للدور القيادي، وإنما في عدم إتاحة المجال لها للوصول للأدوار القيادية من خلال التوزيع العادل لهذه الأدوار، كان مع زميلها الرجل أو الاختيارات النسائية التي يحددها صاحب القرار، ناقشنا بعض الأسباب في برنامج المرأة في مراكز القيادة الذي يقدمه مركز التوازن بين الجنسين بالشراكة مع أكاديمية تطوير القيادات الإدارية تحت مظلة معهد الإدارة العامة.. بدأ بسؤال: لماذا لا يصل إلا عدد محدود من النساء الكفء إلى المراكز القيادية؟

كان النقاش شفافًا بين المتدربات من القيادات النسائية من قطاعات محدودة، فبعض القطاعات تقيد الموظفة حتى في حقها الذي منحته إياها الدولة في التدريب القيادي، كما أن تعريف الكفاءة بحاجة لتحديد، حيث إن القيم الأخلاقية تحكم أطر الجدارات عند القائد، وبين الواقع والمأمول في التمكين القيادي للمرأة من خلال المرأة نفسها وجداراتها، والدعم الأسري، والنظرة المجتمعية، والتي تشمل متخذي القرار بتمكينها، ومَن لديه القدرة على ترشيحها ليتيح الفرصة لها للوصول للمناصب القيادية، والتدريب والتطوير المستمر، وكذلك التنظيمات.

المرأة السعودية ساعدها القرار السياسي من قيادة واعية وحازمة، ومنح الكفاءات النسائية الفرصة للوصول للترشيحات بعدالة الفرص، والحد من التحيز يساهم بتمكين المرأة في رؤية الوطن.

@DrLalibrahim