قال الرئيس التونسى قيس سعيد إن المسار، الذي انطلق في 25 يوليو 2021 كان ضروريًا لإنقاذ الدولة والوطن، مؤكدًا أن الكلمة النهائية ستكون للشعب التونسي صاحب السيادة، وأن الحرية ليست نصًا بل ممارسة.
جاء ذلك خلال استقباله بقصر قرطاج مساء أمس الجمعة المفوض الأوروبي للعدل ديدير رينديرس، بحضور وزيرة العدل التونسية ليلى جفال.
ووفقًا لبيان الرئاسة التونسية، الذي صدر اليوم السبت، أوضح قيس سعيد أن حقيقة الأوضاع في تونس عكس ما تروج له بعض الدوائر في الداخل والخارج، كما عبر عن ضرورة أن يعي الجانب الأوروبي ذلك، لافتًا إلى أن الأخير بالتأكيد على علم بالعديد من الحقائق والتفاصيل.
وأبرز الرئيس قيس سعيد خلال اللقاء العديد من المفاهيم، التي استقرت في الفكر السياسي الغربي وتحتاج إلى قراءة نقدية، مستعرضًا في هذا السياق، العديد من التجارب في الغرب كيف ظهرت وكيف تطورت وهي اليوم محل نقاش في الغرب ذاته.
قضاء عادل يتساوى أمامه الجميع
وقال الرئيس التونسي إن الأوضاع في بلاده لا يمكن أن تستقيم إلا بقضاء عادل يتساوى أمامه الجميع، موضحًا أن إنشاء المؤسسات ليس غاية في حد ذاته، بل يجب أن تعمل أي مؤسسة على تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها.
وأشار إلى العديد من التجارب في القانون المقارن، مشيرًا إلى أن بعض المفاهيم القانونية في العديد من الدول لم تكن بريئة، بل ظاهرها حق وباطنها نقيضه.
وشدد قيس سعيد على أن التاريخ لا يعود إلى الوراء والحريات ليست نصوصًا، بل يجب أن تكون ممارسة في كل آن وحين، وأن العدالة ليست شعارًا ولا قصورًا، بل يجب أن تُجسّد في كل المجالات.
مَن يدعون إلى الاغتيالات يتنقلون بحرية
كما شدّد على أن مَن يدعون إلى الاغتيالات يتنقلون بكل حرية داخل أرض الوطن ويغادرون تونس ويعودون إليها بكل حرية، ثمّ يدّعون كذبًا وبهتانًا أنهم ضحايا الدكتاتورية.
وأشار إلى أن الشعب التونسي يحمي دولته ويحمي وطنه، وعلى القضاء أن يقوم بدوره في فرض احترام القانون؛ لأن مسعى هؤلاء هو الإطاحة بالدولة ومؤسساتها وشلّ مرافقها العمومية بكل الطرق والوسائل.
التزام بتعزيز حقوق الإنسان
بدورها ، أكدت رئيسة الحكومة التونسية نجلاء رمضان أن بلادها تولي أهمية قُصوى لمسألةِ حقوقِ الإنسان في جميع أبعادها، والتزامها التامّ والثابت بتطويرِها وتعزيزها نصًّا وممارسة، تكريسًا لدولةِ القانونْ وتأسيسًا لمجتمعِ القانونِ أيْضا.
جاء ذلك في كلمة لرئيسة الحكومة خلال ترؤسها للوفد التونسي لاستعراض التقرير الوطني الدوري الشامل في مجال حقوق الإنسان والاعتماد الأوّلي للتقرير مِن قِبل مجلس حقوق الإنسان بجنيف.
لا خوْف على الحريات في تونس
وأكدت أنه لا خوْف على حقوق الإنسان ولا على الحريات في تونس، معربة عن العزم في المضي قدمًا في دعمِها واستكمالِ بناءِ المؤسَّسات الدستورية ذات الصلة والاستمرار في مواءمة التشريعات الوطنية مع ما يتوافق ودستور الدولة التونسية والالتزامات الدولية.
وأضافت نجلاء رمضان وفقًا لبيان صادر عن رئاسة الحكومة مساء الجمعة: ولا أدلّ على ذلك من قبول تونس لـ 185 توصية، مشيرة إلى أن التوصيات التي تم إرجاء النظر فيها ستتم دراستها بجدّية مع جميع الجهات المختصة وبالمشاركة مع منظمات المجتمع المدني، الذي تلعب دورًا حيويًا في النهوض بالمنظومة الحقوقية.
استرجاع الأموال المنهوبة
من جهته، التقى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، عثمان الجرندي، مع المفوض الأوروبي للعدالة، ديدييه رايندرز، في أثناء زيارة الأخير إلى تونس.
وذكرت وزارة الخارجية التونسية أن الجرندي أكد للمفوض الأوروبي الأهمية البالغة التي توليها تونس لاسترجاع الأموال المنهوبة وللتعاون مع شركائها المعنيين بهذا الملف، بغية استعادة هذه المقدرات العائدة إلى الشعب التونسي وتوظيفها في جهود التنمية الوطنية.
وشدد الجرندي على الاستعداد التام للسلطات التونسية لمواصلة وتكثيف التعاون مع الجانب الأوروبي حول هذا الملف، بما يضمن تسريع مسار استرجاع هذه المقدرات، وتجاوز ما قد يعترض الأمر من صعوبات.
وفي هذا الشأن، أعرب المفوض الأوروبي للعدالة، حسب نص البيان، عن تفهمه لمدى أهمية هذه المسألة، وأكد ضرورة التعاون مع الاتحاد الأوروبي والتشاور حول مختلف الجوانب الفنية المحيطة بهذا الملف، بما يساعد على التقدم في مسار استرجاع هذه الأموال.
وتطرق الجرندي خلال اللقاء مع رايندرز إلى المسار الإصلاحي بتونس، الذي قال إنه يهدف إلى ترسيخ دعائم دولة القانون والمؤسسات وضمان المساواة أمام العدالة، بما يستجيب لتطلعات التونسيين لبناء ديمقراطية حقيقية ودائمة. وأضاف أن هذا المسار يجري استكماله من خلال تنظيم انتخابات تشريعية في 17 ديسمبر المقبل.
وأكد المفوض رايندرز، ما يوليه الاتحاد الأوروبي من أهمية لتعزيز التعاون والتشاور مع تونس في شتى المجالات، والتنسيق بشأن سبل التعاطي مع التحديات الدولية الراهنة.