يشهد سوق العمل العالمي انحدارا في أعقاب أحداث مفاجئة بالتخلي عن آلاف الوظائف في المشاريع الإلكترونية الكبيرة، ففي الوقت الذي أبرمت فيه صفقة تويتر، كان أول ربح يكسبه صاحب الصفقة هو التخلص من أكثر من 3 آلاف موظف يعملون بهذه المنصة حول العالم، وعلى التوالي كان أبرز قرار على أثر خسارة منصة ميتا (الفيسبوك) في بورصة وول ستريت، لرئيسها التنفيذي هو التخلص من أكثر من 11 ألف موظف فيها.
ثم كانت الصدمة للمضاربين في سوق العملات الرقمية، حين انهارت عملة «تيرا لونا»، وفي ساعات فقط هوت قيمة العملات المشفرة السوقية كلها بنحو 12 بالمائة، لتنذر بمستقبل مجهول وتضرب الثقة فيها، وقبلهم كانت كل من سناب، ليفت، سترايب، نتفليكس، كوين بايز غلوبال، وجيميني وكاميرون وتايلر وينكليفوس وغيرهم، وجميعهم في ذات الصناعة، قد تخلوا عن بعض موظفيهم.
يقودنا الأمر ليس في التفكير بمستقبل المنصات والعملات الرقمية الذكية، بل إلى سوق العمل فيها وضمان استقراره بما يتكفل بكل اشتراطات العمل اللائقة، في كونها مشاريع حقيقية وربحية. والمتتبع لمشاكل هذه الشركات بالذات سيدرك ما تعانية من أزمة ثقة، حتى من قبل المستثمرين فيها، أنها أشبه بشركات وهمية، لتأثرها بأبسط الأوضاع وانهيارها في الأزمات كالتضخم ورفع معدلات الفائدة وانحسار الإقبال عليها، وبالتالي اتخاذها لقرارات كبيرة وحاسمة ومضرة.
إنها مشاريع غير قابلة للاستدامة، ولا الاستقرار، وقد تضر كثيرا بالاقتصاد في حال اعتماده عليها، والسبب أن تخليها عن موظفيها بهذا البخس من جهة، وبيع المستثمرين لحصصهم فيها لمجرد شائعة أو ظرف من جهة أخرى، وتأزم السوق الموسمي الذي يلحق بها الضرر، كلها أسباب على عدم مقدرتها على الصمود، وقد تحصد مشاكل الثقة المستقبلية مخاطر في التنظيم والتشغيل والتنفيذ وبالتالي الاستمرار.
@hana_maki00