زميلي صارحني بأن حجم طموحاته يتقلص في الجهة التي يعمل فيها إلى موافقة مديره على إجازته السنوية بدون مماطلة، والحصول على تقييم الأداء الوظيفي بدون تأخير. وزميلة أخرى ذكرت أنها صارت لا تهتم إلا بحصولها على راتبها، وتتعامل مع جهة العمل بأنها الموظف غير المرئي.
يُنقل عن إدوارد ديمنغ، وهو عرَّاب الجودة الشاملة، بأنه سأل رؤساء تنفيذيين عن أداء موظفيهم، فذكر بعضهم أنهم كالموتى أي غير منجزين، ويصعب تحفيزهم، فأعقبها: هل وظفتموهم كذلك أو أنتم مَن قتلتم بهم الإبداع والشغف؟
ولأننا تحدثنا كثيرًا عن بيئة العمل، فالآن سنتكلم عن مسؤولية الموظف في تحسين وضعه في بيئة عمل محبطة، وتحمّل المسؤولية الذاتية في التحسين والتطوير، والتوقف عن إلقاء اللوم على الظروف، فما أسهل تحميل النقص للغير، ورمي الكرة عليهم خصوصًا لظروف من الصعب تغييرها.
الطفلة شام البكور ذات السبع السنوات التي فازت بجائزة تحدي القراءة العربي، ضمن 22 مليون متنافس معها في دبي، كانت مصداقًا على تحدي الظروف الصعبة، فالطفلة وُلدت في ظروف الحرب، وتوفي والدها وهي بأشهرها الأولى، وأصيبت بشظايا في رأسها نتيجة تفجيرات، ورغم صعوبة العيش في دولةٍ أنهكتها الحرب إلا أنها استطاعت أن تحيي الأمل، وأكدت والدتها أن أحد أسباب نجاحها مع ابنتها ذات القدرات العالية في الحفظ والسرد كان وضع هدف، والسير لتحقيقه، وذكرت أنها ستستمر بذلك مع ابنتها لتحقق لها المجد الذي تصبو له.
وهنا ينتقل لك السؤال: ماذا فعلت لتحقيق أحلامك؟
ففي حال تحقق أحلامك كما تمنيت، فهنا نطمح لمشاركة التجربة في كيف تحقق أهدافك وأحلامك ليستفيد منها الآخرون.
أما في حال عدم تحقيقها فأكمل قراءة المقال، ولنستعرض بعض الأسباب الشائعة:
ـ ولدتُ لعائلة فقيرة؛ مما أثر على خياراتي العلمية والعملية.
ـ ظروف عائلتي الاجتماعية (طلاق أو وفاة) أفقدتني فرص النجاح.
ـ القبول في الجامعات والأعمال والمناصب الوظيفية يعتمد على الوساطات، ولم أستطع توفيرها.
ـ تخصصي لم يعُد مطلوبًا، وأقفلت جميع الأبواب في وجهي.
ـ التعليم والتوظيف يعتمدان كثيرًا على المحاباة والعنصرية؛ مما أثر على نجاحي في عملي ودخلي.
ـ السوق يسيطر عليه كبار التجار، ولا مجال للدخول في منافسة معهم.
ـ تورّطت في تجارة خاسرة، وأثقلتني الديون.
ماذا لو غيَّرنا طريقة التفكير، وسألت نفسك هذه الأسئلة:
• هل رسمت لنفسي أحلامًا وأهدافًا مستقبلية؟
• هل أحلامي وأهدافي موضوعية، وعندي القدرة والالتزام بتطوير قدراتي لتحقيقها؟
• هل تصوَّرت كيف ستكون حياتي لو حققت حلمي وهدفي، وهل أستطيع التعايش مع ذلك بتوازن بين حاجاتي الشخصية والأسرية والمجتمعية؟
• هل أبذل الجهد لتطوير مهاراتي وقدراتي لتحقيق أهدافي، وهل لديّ خطة مالية عن احتياجاتي لتحقيق أحلامي، وما هي مصادري المالية لذلك؟
تخطيط الحياة فن يبدأ من خلال وضع الأهداف، ومن ثم توظيف الإمكانيات والظروف لتحقيقها والالتزام بالتنفيذ، فالتطوير الذاتي يتطلب الدراسة والاجتهاد والممارسة والصبر والتحمُّل، والعلاقات تتطلب تنازلات وذكاءً عاطفيًّا واجتماعيًّا، وعطاءً ووقتًا ومالًا، وكل هدف لتحقيقه يتطلب جهدًا والتزامًا، عليك أن تسأل نفسك كيف أستطيع تحقيقه، فالنجاح له ثمن من وقتك وراحتك النفسية والجسدية وأولوياتك في حين ما.
تحقيق المنجزات الكبيرة يعتمد على الجدية في السعي لتحقيقها، ورمي الفشل والإحباط على الآخرين لن يغيّر من واقعك إلا بالاستمرار في عجلة الحسرة والألم والإحباط والاحتراق النفسي.
طريق النجاح مفتوح دائمًا، والله يغلق بابًا ليفتح لك أبوابًا، والفرص تتوالد باستمرار، والناجح هو مَن يهيئ وضعه ليكون مستعدًّا للاستفادة من الفرص.
@DrLalibrahim