سالم اليامي

قبل أيام استوقفني منشور على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، مضمونه أن أحدهم التقط صورة لبيته الذي يعرضه للبيع، وقد كتب على جدار البيت عبارة مؤلمة، وهي أن البيت للبيع بسبب سوء الجيرة. الرسالة هنا واضحة، وأزعم أن البعض وقع في ذات الأمر وتنازل وباع منزله بخسارة، للبحث عن جيران أفضل. في ظني لو أن مثل هذا الخيار متاحا في علاقات الدول لسارعت الدول العربية للتخلص من الجار الإيراني بأي ثمن، لأن هذا الجار باختصار وبشكل مباشر جار ضرار، ولم يقدم للإقليم مبادرة طيبة، ولم يسلك أسلوبا يبين حسن نيته وحسن جيرته، رغم أن العلاقات الدولية والقانون الدولي تتضمن مثل هذه المعاني أي الصداقة والتعاون وحسن الجوار، لكن المصيبة أن الجار الإيراني لا يعترف بالقانون الدولي، ولا بمبادئ الأمم المتحدة، وهذه مصيبة أخرى، كان الله في عون من يتعامل مع هذا النظام، الذي لم يقدم لمحيطه إلا الضرر.

آخر المصائب التي يمارسها النظام في طهران لتهديد الأمن والسلم الدوليين وتهديد خطوط الملاحة والتجارة الدولية، هي إرسال مسيراته التعيسة لقصف السفن في عرض المياه الدولية، المصيبة الأكبر أن طهران تنكر بشكل بجح ضلوعها في هذه العمليات، في الوقت التي يعلم قادة الحرس الثوري أن الدول المتقدمة تستطيع رصد ومتابعة أي جسم يطير في الفضاء، وتحديد مصادر إطلاقه، الأهم من ذلك أن طهران تمارس هذه الأعمال غير المسئولة في الوقت الذي يتعرض فيها النظام الذي أسس في العام 1997م لهزات قوية، مصدرها هذه المرة الداخل الإيراني، وفي ذات الوقت هناك علاقة متوترة بين طهران وبين مجموعة خمسة زائد واحد، حتى بتنا لا نسمع بموضوع الملف النووي الإيراني، وقل الاهتمام الأمريكي والأوروبي بهذا الملف.

إيران في المنظومة الدولية تعيش عزلة عالمية، حيث ليس هناك أصدقاء يمكن التعويل عليهم ضمن الأسرة الدولية، ويضاعف من علة النظام تخبطه في الداخل، وعدم قدرته على تلبية مطالب الناس المشروعة، والتوجه لخيار التخوين والقمع والقتل الذي قد يودي بالنظام بشكل كامل.

المحزن في كل سلوكيات وتصرفات هذا الجار الغريب، أن أول المتضررين من سلوكياته غير السوية هم الدول العربية وخاصة الخليجية، حيث بات من المألوف أنه يختار عملياته التي يقول إنَّها رد وانتقام على أطراف إقليمية ليس بالرد المباشر على تلك الأطراف وأبرزها إسرائيل، ولكنه يختار الرد بطريقته غير السوية على الساحة العربية، أو ما يعرف في طهران بإلحاق الضرر بحلفاء المعتدي. حوادث الاعتداء على السفن والناقلات في المياه الدولية من المفروض أن تثير قلقاً دوليا نظراً لخطورة هذا السلوك، ولكن مع شديد الأسف اعتدنا كمراقبين سماع تنديدات واعتراضات وعبارات فخمة عن التعاون ومساعدة الدول الخليجية في مواجهة هذا الجار المؤذي، لكن بدون أعمال حقيقة توقف الاعتداءات الإيرانية المتكررة على خطوط الملاحة الدولية وتهدد أمن واستقرار المنطقة. هذا السلوك الدولي غير المفهوم إلى حد كبير يرتب لمسؤولية كبيرة على عاتق دول الخليج، التي يزعم النظام الإيراني أن علاقاته ببعضها أو معظمها جيدة، وأن الخلل فقط في علاقاته بدولة واحدة. التاريخ القريب أثبت أن هذا النظام الذي لا يعترف بالأنظمة والقوانين الدولية لا يعرف مصلحته وأنه مهدد بخطر محدق.