أحمد العمري

خلال المباراة الافتتاحية لكأس العالم 2022 في العاصمة القطرية الدوحة ذكر المعلق الرياضي عصام الشوالي تساؤلا هو عنوان هذا المقال وهو: اسألوا شارلمان عن ساعة هارون الرشيد؟

وكان هذا التساؤل جزءا من حديث الشوالي يتحدث فيه عن تاريخ العرب وتقدمهم في زمن من الأزمان وكان هذا التساؤل غريبا فما هي قصة هذه الساعة؟

يذكر أن هارون الرشيد أهدى إلى الإمبراطور الفرنسي شارلمان الساعة الشهيرة وكانت الأضخم والأندر في العالم والأغرب بجانب أن الساعة لم تكن معروفة وقتذاك بالنسبة للأوروبيين الساعة كانت ضخمة بارتفاع حائط الغرفة تتحرك بالقوة المائية وعند تمام كل ساعة يسقط منها عدد من الكرات المعدنية الكبيرة فوق قاعدة نحاسية مفرغة فيسمع لها رنين موسيقي جذاب في جميع أنحاء القصر وفي ذات الوقت يفتح باب من الأبواب الاثني عشر المؤدية إلى داخل الساعة والتي تمثل ساعات النهار والليل بعد النهار ويخرج منها فارس يدور حول الساعة ثم يعود من حيث خرج فإذا حانت الساعة الثانية عشرة يخرج من الأبواب اثنا عشر فارسا مرة واحدة ويدورون حول محيط الساعة دورة كاملة ثم يعودون ليدخل كل واحد من حيث خرج وتغلق الأبواب بعد ذلك وراءهم، واعتبرها الأوروبيون أعجوبة ذلك الزمان وبالرغم من إعجاب شارلمان الشديد بتلك الساعة إلا أنها أرعبته كما رعب منها الحاشية وصرحوا لشارلمان أنها مسكونة بالشيطان وإنما أرسلها الخليفة هارون الرشيد هدية ليقضي عليه ويسلب منه ملكه، وعلى ذلك فقد أمسكوا بفؤوسهم وحطموها ليخرجوا منها ذلك الشيطان ولكن خاب أملهم فلم يجدوا فيها سوى آلاتها قائلين لشارلمان إن الشيطان هرب منهم، وحزن شارلمان حزنا شديدا واستدعي العلماء والصناع المهرة في محاولة لإصلاح الساعة وإعادة تشغيلها لكن جميع المحاولات فشلت وعرض عليه بعض مستشاريه أن يرسل إلى الخليفة هارون الرشيد ليبعث لهم فريقا عربيا لإصلاحها فقال شارلمان إنني أشعر بخجل شديد أن يعرف ملك بغداد أننا ارتكبنا عارا باسم فرنسا كلها !

هذه القصة باختصار وتعقيبا لما ذكر فنحن كما ذكر الشوالي نحن العرب.. نحن مهد الديانات ورسالات السماء، نحن العرب التاريخ والمستقبل ونحن الثقافة والحضارة، ونحن بيت الشعر والقصر ونحن التاريخ والمستقبل.. نحن من تعلمتم منهم ونحن من علمكم.!

لابد أن تبقى هذه عالقة في أذهاننا ونورثها لأبنائنا كما ورثناها من آبائنا وأجدادنا.. هذه الحقيقة التي لابد أن تكون محل حديث الجميع ويتناولها الكبير والصغير حتى لا ننسى ذلك الماضي الجميل.

وحتى يحفزنا لفعل ما نستطيع فعله لأجل أن نعود لذلك الماضي كمثل ذلك التحفيز الذي عشناه حينما فزنا على الأرجنتين.. ذلك الشعور الذي أدهشنا حقا وأزال ما كان يلوح في أذهاننا بأننا لا نستطيع !

واسمحوا لي قراء هذه المقالة أن أنقل لكم كلمات جميلة عن المفكر الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله -: (أرجوكم.. أرجوكم، أنا أرى من بعيد الشمس، وأرى دونها كثيرا من الضباب، وكثيرا من الغيوم، فلا تركزوا على الضباب والغيوم، فالضباب والغيوم ستنقشع، وفي يوم من الأيام ستشرق الشمس، ولكن يجب أن يكون لدينا أمل في الله، وإيمان بالله - سبحانه وتعالى - ثم إيمان وثقة بوطننا، وبأنفسنا، وبشبابنا، وببناتنا، لا تنسوا أبدا أن هذا بلد البيت الحرام، ومنه انطلق آلاف ونشروا الحضارة في ثلاثة أرباع العالم، فنحن أبناؤهم، نحن أحفادهم، وهذه الجذوة لم تمت، فلا ينس أحد منكم هذا الإرث التاريخي، نحن لسنا حضارة هامشية، ولا حضارة فرعية، نحن أمة ظلت لأكثر من ثماني سنين تقود العالم في كل شيء، تقود العالم في الفكر، تقود العالم في العلم وفي التقنية.. مرت علينا أوضاع والدنيا صعود وهبوط، ولكننا -بإذن الله- لدينا القدرة لدينا الأمل في أن نعود كما كنا).

وكذلك قال الأمير خالد الفيصل كلمة بليغة ومهمة وحري بنا أن تكون دستورا نتغنى به ونصدح به في كل وقت وكل حين وهي أن: (مكاننا الطبيعي في الصف الأول.. من العالم الأول).!

omaram0g