سلمان العنكي

(وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) سورة النحل آية 112 (فكفرت بأنعم الله) المعنى «أي فكفر أهل تلك القرية بأنعم الله ولم يؤدوا شكرها» أي فأخذهم الله بالجوع والخوف بصنيعهم وسوء فعالهم. وسمى أثر الجوع والخوف لباسا لأن أثر الجوع والهزال يظهر على الإنسان كما يظهر اللباس.

تعامل بعضنا مع النعمة مخيف «الحفاظ عليها واجب، التلاعب بها ظلم عواقبه وخيمة كل ظالم ملاق جزاءه يوما ولو بعد حين من الحرمان وأكثر»، جوع، فقد اطمئنان، خوف، وأشد ولو أراد تعالى هلاكهم لأذاقهم حر العطش ولكن ليروا عاقبة ما فعلوه وعبرة لمن يتبنى عملهم «وصل الحال بالقوم يبحثون عن أرذل ما يؤكل فلا يجدونه ومن قبل كانت تترى عليهم الخيرات من جميع البلدان فيها ما لذ وطاب وهم في راحة وأمن ورغد عيش»، وبكفرهم حرموا منها جميعا، أضرهم الجوع، فقدوا الصحة، لا أمان، الفقر سيد الموقف «لا يملكون مالا ليشتروا ولا يوجد طعام ليأكلوا لا هذا ولا ذاك»، تحطمت نفوسهم دمرت معنوياتهم. أنعمه تعالى ظاهرة علينا وباطنة مادية ومعنوية متتالية في حياتنا عن اليمين والشمال ولكن لا نشكر إلا القليل والبعض عن الشكر بعيد في طليعة ذلك نعمة الوجود والتشريف بطاعة الخالق المعبود في الدنيا لنثاب عليها ونشم رائحة الجنة في الآخرة والفوز بنعيمها وأهم ما نحن فيه من نعم.. أولا- العقل: أقدس ما يجمل الإنسان ويقيمه مركز القيادة والتحكم والإمام الموجه لكل الأعضاء والحواس به نؤجر وبه نعاقب وأداء حقه من خلال أمرين «الأول» الحفاظ عليه من التلف قصدا أو إهمالا بفقده يتحول الإنسان إلى بهيمة بل وأضل، «الثاني» الاستفادة منه بالحد الأقصى في جميع جوانب الحياة العبادة والعلم والتفكر. ثانيا- الإيمان: والإيمان في قمة ما أنعم به تعالى علينا «الحمد له بأن جعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم» ثالثا- الأمان: يحفظ حياتنا تحت ظله نسعى في طلب أرزاقنا نأمن إن غبنا على أعراضنا وأموالنا وإن بعدنا على أنفسنا. رابعا- الصحة: تاج على رؤوس الأصحاء لا نشعر بقيمتها إلا بعد فقدها وإن حرمنا منها لا نضمن عودتها ولو بذلنا الأموال وطفنا البلدان، كم صاحب ثروة تمنى من يأخذها ويعطيه صحة؟ «من لا صحة له لا عقل له» خامسا- المال: عصب الحياة محرك عجلتها فيه العزة والكرامة والمروءة وقضاء الحاجة وحفظ ماء الوجه بالاستغناء عن سؤال الغير لكننا مسؤولون من أين اكتسبناه وفيما أنفقناه؟

لا تسد به حاجة معوز ولا ننسى أن للمسكين واليتيم والأسير فيه نصيبا «خير الأعمال الصدقة» سادسا- النعم المعنوية: أبرزها الأخلاق، خدمة المجتمع وقضاء حاجاتهم فإنها من التوفيق لمن يعطاها، محبة الناس وحسن التعامل مع جميع الكائنات ولا ينال ذلك إلا ذو حظ عظيم كذلك.

الابن البار‏، رحمة الأب بأبنائه، الزوج الحنون، الزوجة الصالحة، القلب النقي، الأخ المحب‏، الصديق الوفي، الجار اللطيف، العامل المخلص، ‏وغيرها الكثير والكثير.