سعود القصيبي

@SaudAlgosaibi

كنتُ قد توقفت عن متابعة كرة القدم، منذ زمن بعيد، ولعل من أسبابه أني أرى المَشاهد تتكرر، فمللتُ المتابعة. وفي شبابنا كانت هناك ثلاثة أندية تتصارع على بطولات كرة القدم، ممثلة المنطقة الشرقية، أولها كان نادي الاتفاق، ثم نادي القادسية، وأخيرًا نادي النهضة. وكنا نتابع إنجازات هذه الفرق الثلاثة، وقد حظيت تلك الأندية بالدعم، من بناء الملاعب الخاصة بها عن طريق رعاية الشباب آنذاك. وكنا لا نسمع عن نادي الهلال، فليس له نصيب في خضم وجود أندية عملاقة في الوسطى والغربية وإنجازاتها الكروية.

وفجأة، ومنذ أول الثمانينيات الميلادية، بدأ نجم الهلال يسطع، وكنا نشاهد مباريات شبه موجهة لفوز فريق الهلال، وحينها لم تكن الرقابة كما هي اليوم، والتحكيم كان فوضى. وقد كرهتُ نادي الهلال؛ بسبب ميول الحكام اللا معقول له، حتى برز وعُرف، وأصبح من أشهر أندية المملكة، بل وأفضلها قدرة وأداءً وبطولات، وهي ميزة للنادي أسجّلها له.

إلا أنني أيضًا تابعت زاجالو مدرب المنتخب السعودي، ومباشرة من خلال المدرجات في مطلع الثمانينيات الميلادية، وتابعت كيف استطاع تكوين تشكيلة ضمَّت لاعبين من أندية الدرجتين الأولى والممتازة؛ مما أهَّلنا للفوز في أول بطولة آسيوية. ومما قيل عنه أنه حضر مباريات، وشاهد لعب كل الفرق السعودية، حتى اختار نخبة من أفضل اللاعبين المغمورين والمشهورين على حد سواء.

كما أني شاهدتُ بعدها تغيُّر طريقة الاختيار للاعبي المنتخب، فبدلًا من البحث في كل الأندية عن لاعبين متفوقين، أصبحت التشكيلة النهائية غالبًا تضم لاعبي أفضل فريق في الدوري مطعَّمًا بعدد من أندية أخرى.

هذا الأسلوب والنمط باختيار اللاعبين لم يمكّننا من الفوز بأي بطولة بعدها، رغم تمكّننا من الوصول لكأس العالم عدة مرات، ورغم كثرة منافستنا خليجيًّا وآسيويًّا على البطولات المختلفة. وقد اختيرت تشكيلة للعب للمونديال ضمَّت أغلب لاعبي الهلال.

وفي مونديال قطر تبدَّد رأيي بعد ما شاهدت بالمباراة من لعب رائع للمنتخب السعودي، ومن أداء فني متميّز، ومن لعب نظيف. وقد ذهبتُ لأشجع الوطن بمباراة الأرجنتين، ولقناعتي من صحة التوجُّه أيًّا كانت طرق الاختيار.

ومن فخري بالإنجازات السعودية، وعلى كل الأصعدة، وما تحقق، وما سوف يتحقق بإذن الله سبحانه وتعالى من رؤية جميلة وحتى عام 2030.

وقد ذهبت باعتقادي أننا خاسرون متمنيًا خسارة بسيطة رحيمة لا تتعدى ثلاثة أهداف. وقلت في نفسي ربما نستطيع أن نسجل هدفًا إن أكرمنا الله سبحانه وتعالى. وقد ذهبتُ لمشاهدة الأسطورة ميسي من كثرة ما قيل عنه. ويا لهول ما شاهدت! حطَّمنا أسطورة ميسي، وكل ما عرفناه عن كرة القدم، وهزمنا أقوى وأعتى فريق بالعالم، ولم تكن أهدافنا خطأ أو أتت عن طريق الصدفة، بل من مهارة عالية.

وها نحن اليوم نقف على مفترق طرق، بعد خسارتنا يوم السبت الماضي مع فريق بولندا، التي استثمر لاعبوها طولهم وأكواعهم حتى تحوَّلت إلى مباراة جسدية. وربما أنها من تكتيك اللعب الأوروبي، إلا انها أيضًا لا تمثل كرة القدم، فحسب ظني أننا لسنا في مباراة أكواع أو جودو القدم، أو من شد فنايل لعبة القدم. فخسارتنا لا أعدها خسارة، بل تمرينًا وتمهيدًا لما هو قادم وأفضل بإذن الله سبحانه وتعالى. ومباراة الأربعاء مع فريق المكسيك أتوقع أن تكون الأمتع على مستوى الأولمبياد، بعد مباراتنا مع الأرجنتين، فليس للمكسيك ما يخسروه، كما أتوقع أيضًا أن يكون اللعب مفتوحًا، ويكون فيه عدد الأهداف متعددًا. لدينا الفرصة إن اجتزنا المكسيك أن نصل لدور الأربعة، وحتى للمباراة الختامية، فقد رفع المنتخب السعودي حد سقف الطموحات، وبهمَّة جبارة. ويظل الأمل كبيرًا وسط الإبداعات السعودية، ومن مشاهدة صناعة التاريخ بفريق أسطوري، وبكل المقاييس.