تعد الموانئ البحرية المنفذ الرئيسي والأساسي للتجارة الخارجية للدول، فهي البوابات الرئيسية للعالم الخارجي، والعمود الفقري لصناعة النقل البحري والحلقة الرئيسية في سلسلة النقل متعدد الوسائط، لذا فإنها تؤدي دورا حيويا في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والمساهمة في دعم الاستقلال الاقتصادي والسياسي لكل دولة.
رؤية المملكة 2030 وفكرة الموانئ الخضراء الميناء الأخضر والتناسق الكبير بينهما، حيث تهتم الرؤية بتعزيز مكانة المملكة التنموية والاقتصادية، ووضعت البيئة والتنمية المستدامة من الأهداف الرئيسة لها، ونصت على ضرورة الحفاظ عليها، وعدته من المقومات الأساسية لجودة الحياة وضرورة للحد من مستويات التلوث في البيئة.
ويعرف الميناء الأخضر أو (الميناء البيئي) بأنه ميناء قليل أو عديم التأثير السلبي على البيئة، يلتزم بكافة الاعتبارات البيئية في كافة مراحل الإنشاء والتشغيل ويمثل نموذجا للتنمية المستدامة للموانئ، والتي تلبي متطلبات البيئة وتعود بالنفع الاقتصادي على الدولة والمجتمع والأجيال القادمة، ويختلف ميناء الموانئ الخضراء كليا عن الميناء العادي من حيث آليات الإنشاء والتشغيل، وبالتالي الأثر البيئي والعائد الاقتصادي فالميناء البيئي يلعب دورا مهما في تعزيز التنمية الاقتصادية في المناطق المحيطة به.
كما يعرف الميناء الذكي بأنه المدينة المبتكرة التي تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وغيرها من الوسائل لتحسين نوعية الحياة وكفاءة التشغيل، ويلبي احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ويتم في الموانئ البحرية الذكية معالجة الآثار البيئية ودعم كفاءة العمليات عبر تقليل استهلاك الطاقة والتلوث بأقل جهد.
تتميز هذه الموانئ عن غيرها بما تطبقه من تكنولوجيا تقلل من نسب التلوث، بهدف تحسين الأداء البيئي والحد من أي آثار بيئية خطيرة، كما أنها تمثل جزءا من الحلول المبتكرة لمشكلات البيئة، وهي جزء من الاقتصاد الأخضر المتمثل في 6 قطاعات (النقل، الإسكان، الزراعة، الصناعة، الطاقة، البنية الأساسية)، كما أن لها عدة مواصفات أهمها أن تكون صفر تلوث، والحد من إلقاء بواخر النفط المياه التي تحتوى على بقايا الزيوت ونظافة الباخرة، وتغيير الوقود، بشكل لا يلوث البيئة، ولا يلوث الميناء الذي ترسو عليه، وإعادة تدوير المخلفات الصلبة والحاويات والعبوات، يكون لها نظام لإعادة تدويرها، وكذلك المخلفات السائلة مثل السوائل والمواد الكيماوية.
ولابد أن تكون الموانئ صديقة للبيئة لتشمل المعدات والآليات، ولابد أن تكون جميع أنواع الطاقة فيها نظيفة، وبها تحكم متكامل في الغازات الصادرة عنها، ومن ثم الرصيف والمباني والمرافق، والصرف والكهرباء وأماكن تجمع القمامة والمخازن والخدمات، ومباني الإدارة ومنشآتها، ثم ملحقات الميناء والخدمات المرتبطة بالميناء..
تجارب عالمية
تقود الهيئة العامة للموانئ السعودية (موانئ) الخطط الهادفة لتوفير شبكة من الموانئ التجارية الذكية تتسم بالكفاءة والفاعلية وتتكامل مع وسائل النقل الأخرى لربط الاقتصاد المحلي بالسوق العالمية. كما أن تميز الموانئ في مجال الإشراف البيئي والامتثال من خلال تطبيق الممارسات التي تقلل إلى أدنى حد أو تزيل الآثار البيئية والأخطار الصحية، يعد هدفا رئيسيا آخر للمملكة، ولعل تجربة ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام الذي يعد البوابة الشرقية للتجارة الخارجية السعودية والحاصل على المرتبة الرابعة عشرة من حيث كفاءة الموانئ التشغيلية بين 370 ميناء عالميا، وفق التقرير الدولي لمؤشر أداء موانئ الحاويات عالميا لعام 2021، الذي يصدر عن البنك الدولي ومؤسسة أستاندرد آند بورز جلوبال ماركيت إنتليجانس، حيث يتم التعامل مع السفن المفرغة والمشحونة بواسطة الرافعات الآلية، ونقل الحاويات عن طريق معدات ذاتية القيادة من خلال غرفة تحكم مركزية تنسق العمل عن بعد، كما لديه مبادرة ميناؤنا أخضر حيث من خلالها تم زرع (1000) شتلة في الميناء لزيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو وزيادة نصيب الفرد من الرقعة الخضراء.
إن رؤية المملكة 2030 تؤكد التزام المملكة بالمعايير البيئية المحلية والعالمية وتبنيه احدث الممارسات المبتكرة القائمة على الاستدامة البيئية والطاقة النظيفة وستساهم في وضع الموانئ السعودية على الخريطة العالمية للموانئ الخضراء الصديقة للبيئة.
ولحكومتنا الحكيمة (أيدها الله) دور كبير في ذلك بدعمها اللامحدود لمثل هذه المبادرات الفعالة التي تخدم رؤية المملكة المباركة 2030 ومنها مبادرة السعودية الخضراء والتي تساهم بدور محوري في تحقيق أهداف المناخ العالمية، وتمهد المملكة الطريق نحو غد أكثر استدامة عبر اتباع نهج استثماري يشمل جميع فئات المجتمع. وتشرف المبادرة على تنفيذ خطة مستدامة وطويلة الأجل للعمل المناخي، وتترشد المبادرة بثلاثة أهداف شاملة هي تقليل الانبعاثات الكربونية، وتشجير السعودية، وحماية المناطق البرية والبحرية.
نحن مع مقولة سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (حفظه الله): طموحنا عنان السماء..
أطمح لأن تكون بلدي صاحبة ريادة عالمية في مجال الطاقة والعمل المناخي وتكون خضراء.
نقطه على السطر: شروق الشمس حكاية تخبرنا أنه وإن غربت أيامنا الجميلة فلا بد لها من الشروق في يوم آخر بجمال آخر..