تعد مدينة حائل في السعودية من أهم مواقع الرسوم والنقوش الصخرية على مستوى العالم، لأنها تمثل قيمة تراثية عالية لبني الإنسان، وهي تصور الحياة اليومية لإنسان تلك المواقع في فترة ما قبل التاريخ. وهي تعدّ إحدى الدلائل على الوجود البشري في تلك المناطق.
ووجود مدينة حائل على قائمة التراث العالمي، يعد اعترافًا عالميًا بأهمية مواقع الرسوم الصخرية في مدينة حائل، وعلى رأس تلك المواقع جبة والشويمس، وهما من أهم وأقدم مواقع الرسوم الصخرية وأغناها على مستوى العالم.
وكانت رسوم الفترة التاريخية في جبة والشويمس في وقت عم فيه التصحر، كما وجد تحت واجهات الرسوم طبقات أثرية تركها الإنسان الذي نفذ هذه الرسوم، مما يعد أمرًا نادرًا في مواقع الرسوم الصخرية.
وتعكس هذه الرسوم طبيعة البيئة في هذا العصر، فرسوم ما قبل التاريخ تشير إلى أن جبة والشويمس، قد شهدت في تلك الفترة مناخًا مطيرًا.
كما كانت الشويمس منطقة مراعٍ وحشائش طويلة حشائش السافانا، وذلك قبل التصحر الأخير، وجبة كانت بحيرة كبيرة يقيم حولها الناس. حسب ما ذكرته واس.
موقع الشويمس
يقع موقع الشويمس جنوب شرق مدينة حائل. ويصل عمر رسوم الموقع لأكثر من عشرة آلاف عام، وتعكس الرسوم عمق وغني التراث الفني، وتقدمه وتنوعه في الجزيرة العربية.
كما أنه مسجل في قائمة التراث العالمي باليونسكو من أهم وأبرز المواقع الأثرية في المملكة وعلى مستوى العالم، ويعد أضخم متحف مفتوح للنقوش الصخرية على مستوى الجزيرة العربية، ويعود تاريخ النقوش الأثرية في الموقع إلى العصر الحجري الحديث.
تشكل النقوش مظهرًا حضاريًا، فيظهر من خلالها سكان منطقة حائل خلال العصور السابقة والتاريخية عن أنشطتهم المعيشية وحياتهم اليومية، وممارساتهم الدينية وتفاعلهم مع البيئة.
فيحتوي موقع الشويمس على فنون صخرية، تتميز بالمنحوتات البشرية والحيوانية التي تصور الجمال والخيول والنخيل.
وأيضاً النقوش الثمودية، ومنحوتات الرجال وهم يركبون الجمال، إشارة إلى نشاط القوافل التجارية، وفنون صخرية رائعة تصور البشر بحجمهم الطبيعي، ومجموعة مختلفة من الحيوانات.
يتكون الموقع من مرتفعات من الحجر الرملي، وتضم واجهتها وواجهة الأحجار من حولها الكثير من اللوحات المنفذة بدقة عالية، وهي رسوم لأشكال أشخاص تظهر أحيانًا منفردة أو مصاحبة لأشكال حيوانية برؤوس بيضاوية، أو تصوير لعملية الصيد، وأيضًا أشكال حيوانية كالأسود، والفهود، والحمير، والأبقار الوحشية، والغزلان، والماعز الجبلي، نحتت بأحجامها الطبيعية. وأيضًا صور لأشخاص في احتفالات جماعية أو ممارسات دينية أو معارك حربية ومبارزات ثنائية.
ومن الملاحظ في المنطقة الأثرية بموقع الشويمس كثرة الكهوف وآثار البراكين، فعلى حافة حرة النار يظهر كهف شعفان وهو أحد أكبر الكهوف في المملكة، ويحتوي على طرق فرعية متعرجة لا يعرف طول نهايتها، كما أنه يضم جماجم وعظامًا متفرقة.
وينتشر حوله العديد من الكهوف، وقد وصل عددها إلى 10 كهوف، وهي لا تقل في الحجم أو القيمة التاريخية والأثرية عن كهف شعفان. وأيضًا عُثر على 12 فوهة بركانية في المنطقة.
موقع جبة
تقع جبة في غرب مدينة حائل، وتعد مدينة جبة محطة رئيسية للغرب الذين زاروا الجزيرة العربية، نظرًا لموقعها الجغرافي الذي يقع على طريق قوافل الرحالة، وتشتهر بالرسوم الصخرية والنقوش الكتابية القديمة، وتعد بمثابة متحف مفتوح.
كما أنها تضم بقايا أقدم المواقع الإنسانية التي تعود للعصور الحجرية وأشهر الرسوم والنقوش الصخرية، التي يستطيع السائح مشاهدتها والتعرف على واقع الحياة البشرية من خلالها في العصور القديمة.
ومن أهم الرسوم والنقوش الصخرية التي يمكن مشاهدتها في مدينة جبة، تلك الموجودة في جبل أم سنمان وجبل غوطة.
يتميز جبل أم سنمان الأثري بالعديد من النقوش والرسومات الثمودية والعصر الحجري، وتعود تسميته بهذا الاسم؛ لأنه يشبه إلى حد كبير الناقة وهي مستقرة في الأرض.
وسجل الجبل نحو (5431) نقشًا ثموديًا، و(1944) رسمًا لحيوانات مختلفة، منها (1378) رسمًا لجمال بأحجام وأشكال مختلفة، كما بلغ عدد الرسوم لأشخاص (262) رسمًا.
تتميز رسوم ونقوش جبل أم سنمان وجبلغوطة بمشاهد كثيرة للحياة اليومية للإنسان والكائنات الحية التي أقيمت في هذه المنطقة، ويمكن تقسيم وجودهما إلى فترتين:
- الأولى تعود للألف السابع قبل الميلاد وتظهر بها الأشكال الآدمية المكتملة مع الأذرع الرفيعة وبروز الجسد، وكذلك الأشكال الحيوانية مثل الإبل والخيل ومجموعات مختلفة من أشكال الأغنام والقطط والكلاب التي استخدمت في الصيد.
- والفترة الثانية تعود للعصر الثمودي وأبرز رسومها ونقوشها الصخرية الجمال، كما تظهر مشاهد المحاربين على ظهورها، وتظهر الفهود والنعام وأشجار النخيل.