مي العتيبي

@maiashaq

جميعنا سمع مفردة «تطوّع - متطوعين - أعمال تطوعية» إلخ كثيرًا في السنوات الخمس الأخيرة، ولا أعني بذلك طبعًا أن تاريخ التطوّع في المملكة ليس موجودًا قبل هذا؛ بل أعني أن التطوّع الذي كان عبارة عن جهود فردية في السابق أصبح الآن توجّهًا عامًّا، وعملًا مؤسسيًّا منظمًا تحث عليه الدولة.

ويأخذ التطوّع في المملكة شكلًا ثقافيًّا ودينيًّا عظيمًا منذ القِدَم وقبل انتشاره كمفهوم حضاري، حيث ارتبط ديننا الإسلامي بتعزيز التطوّع معنويًّا وسلوكيًّا بالحث على حب الخير للآخرين ومساعدتهم وتفريج كُرَبهم، وأن ذلك من أصول التآخي في الدنيا والدين.

وتقود وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية العديد من الجهود الرامية لنشر ثقافة التطوّع، وتقوم بدور ريادي لعقد الاتفاقيات بينها وبين عدة جهات حكومية أو خاصة سعيًا لغرس التطوّع كمبدأ أصيل أكثر من كونه مجرد عمل لدى كافة فئات المجتمع، وذلك لتحقيق ركيزة مهمة في نمو ونهوض المجتمعات ألا وهي القيام بالدور الاجتماعي «المسؤولية المجتمعية» جنبًا إلى جنب مع ما تقدمه الدولة من مسؤوليات، حيث تشرف الوزارة ومن خلال موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت على مشروع تطوّع الموظفين في كافة الجهات الحكومية بالمملكة، وتضع حدًّا لعدد الساعات في الأعمال التطوعية للموظفين الراغبين في تعزيز مسيرتهم العملية بجهود تطوعية تُثريها وصولًا إلى منحهم شهادات رسمية تثبت أعمالهم التطوعية وتشيد بها؛ مما يجعل العمل التطوعي أكثر تشويقًا ويرفع منسوب المنافسة فيه.

ولاحظت شخصيًّا نجاح هذه الجهود، وانتشار هذه الثقافة بوضوح لدى الشباب والنشء من كلا الجنسين الذين وجَّهوا طاقاتهم المفعمة بالنشاط لأعمال تطوعية منظمة تحت مظلات رسمية كالجامعات والجمعيات الخيرية وغيرها، مثل ما نراه كل عام في شهر رمضان المبارك من حملات إفطار للصائمين، وحملات خدمة الحجاج والمعتمرين، وحملات التشجير وغيرها من الأعمال الجليلة التي تحقق الاستقرار والتكامل الاجتماعي، وتجعلنا في طليعة المجتمعات المتآزرة المتحضرة.