لواء. م. محمد مرعي العمري

* لم يعُد خافيًا على مَن يتابع مجريات الأحداث والمستجدات في ظل الخطوات الوثابة الجريئة لنهج القيادة الجديد لسياسة المملكة ممَّا لم يكن معهودًا في السابق، وإن كانت أجندة فرض مكانة المملكة، ورسم سياستها المتزنة القائمة على احترام الجميع، وعدم التدخل في شؤون الغير، نهجًا عُرِفت به بلادنا ولله الحمد منذ قيام هذه الدولة المباركة.

* غير أن المستجدات التى طرأت في المنطقة أولًا، وفي العالم بشكلٍ عامٍ، ونتيجةً لتبدُّل السياسات لدى بعض صُنَّاع القرار في هذا العالم المضطرب، قد دفع بالقيادة الحكيمة وبتوجّهها الجديد إلى أن تضطلع بمسؤولياتها كدولةٍ ذات ثقلٍ سياسيٍ واقتصاديٍ ودينيٍ، وذات أبعادٍ تاريخية وجغرافيةٍ، لها مدلولاتها في المنطقة، وأقولها بكل تجرُّدٍ وأمانةٍ إنّ هذا ممّا لم يكن معهودًا، وهنا بيت القصيد كما يقال.

* وانطلاقًا من هذا الدور المحوري والهام للمملكة، فها هي تستقبل زعيم دولةٍ عظمى كالصين التي بات تأثيرها على القرار العالمي واضحًا ومؤثرًا، ويُنظر إليها بأهميةٍ قصوى لا يمكن تجاهلها على خارطة ميزان القوى في العالم.

* وبالتالي، ولكل مُنصفٍ يتابع ما يجري، فكما استقبلت المملكة قبل أشهرٍ معظم زعماء الدول الكبرى، وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي، وحرصت على أن يكون للصوت الخليجي والعربي حضور لافت في القِمم التي عُقدت على أرض المملكة، وتلك التي ستُعقد أيضًا مع الرئيس الصيني، فهذا النهج الذي اتخذته قيادة المملكة يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك على حرص القيادة السعودية المظفَّرة على أن تكون الأمة حيث يجب أن تكون من التلاحم والتماسك ووحدة الهدف، وممَّا يزيل الغشاوة عن أبصار مَن ما زالوا يشككون في حرص المملكة على خلق موقفٍ خليجي وعربي موحَّد، تتَّحد فيه الكلمة، وتتحقق بمقتضاه الغايات بتنويع الشراكة مع كل الدول ذات التأثير القوي اقتصاديًّا وسياسيًّا، وأن يكون زعماء الخليج والعرب قادرين على تحمُّل مسؤولياتهم أمام شعوبهم، وأمام أجيالهم القادمة، كي يشتد سُمك البناء، ويقف الجميع كالبنيان المرصوص لمواجهة أي أطماعٍ أو مؤامراتٍ جرى ويجري التخطيط لها لتفرقة العرب، واستغلال ما خلَّفته بعض السياسات الحمقاء التي ألقت بظلالها على بعض البلاد العربية، والتي لولا وقوف المملكة بصلابةٍ وحزمٍ أمام تلك الأطماع الإقليمية والدولية، لربما آلت الأمور إلى ما لا تُحمد عقباه.