طلال بن حسين المرّي

يحتفي العالم سنويًّا في الخامس من ديسمبر بالعمل التطوعي كقيمة إنسانية نبيلة تجسّد معاني البذل والعطاء الذي لا تحدُّه الحدود، ولا تقف أمامه المتغيرات، كقيمة أصيلة تعزز ثقافة التعايش المجتمعي والتلاحم الوطني؛ ليأتي هذا اليوم تأصيلًا لثقافة الشكر تجاه الجهود العظيمة التي يقدمها المتطوعون في أصقاع المعمورة.

ومن أرامكو السعودية التي صنعت تاريخًا عريقًا في العمل التطوعي منذ عشرات السنين، نأتي لنؤكد أن مفهومها في المواطنة لا يقتصر على توفير الوصول إلى الطاقة، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية فحسب، بل يتوسع ليشمل تفعيل قدراتنا وتخصيص مواردنا لإحداث فرق إيجابي وملموس في حياة الفرد والمجتمع من خلال جهود يبذلها قسم المواطنة في أرامكو السعودية؛ للوفاء بقيم المسؤولية الاجتماعية، تهدف إلى رفع مستوى ثقافة العمل الاجتماعي والتطوعي، وتعزيز رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى زيادة أعداد المتطوعين في القطاع غير الربحي في المملكة من 11 ألف متطوع، إلى مليون متطوع سنويًا.

سعت أرامكو السعودية، مؤخرًا، إلى تعزيز قيم المواطنة ودمج الموظفين وأسرهم من خلال انتقاء فرص تطوعية مناسبة وطرحها على منصة داخلية تحث على التطوع، وتقديم خدمات مميزة تعود بالنفع على المجتمعات المحيطة بهم.

كما تهدف المنصة إلى تعزيز الشراكة مع القطاع غير الربحي وتمكينه بمشاركة الموظفين كمتطوعين. علاوة على ذلك، تعمل الشركة على إعداد برامج مميزة لتعزيز الأعمال التطوعية والتشجيع على التطوع في المدارس والجامعات ضمن شراكات مع رواد القطاع غير الربحي كأكاديمية الفوزان بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن.

فبدءًا من مشاركة موظفينا وعائلاتهم في مجالات تطوعية متنوعة، وإشراك المجتمع، لا سيما فئة الشباب من الطلاب والطالبات في الأنشطة التطوعية المصاحبة للفعاليات المعرفية والثقافية والمجتمعية التي تقوم بها أرامكو السعودية في عدة مناطق بالمملكة، وانتهاءً بجهود مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) أحد مبادرات أرامكو السعودية في المواطنة. وحيث يمثل المجتمع ركيزة أساس في إستراتيجية المركز، نلمس مدى التأثير الذي تقدّمه البرامج التطوعية في بناء مجتمع قوي ومتماسك.

ومن هنا، أَولى المركز أهمية خاصة لبرامج التطوع باعتباره العمل الأساس للمواطنة؛ إذ يأتي التطوع متوافقًا مع مبادئنا الإسلامية وقيمنا العربية وتقاليدنا الوطنية التي تحضنا على مساعدة المحتاج، ومعاونة الجار، وإكرام الضيف، واحترام الزائرين، وتقدير الوافدين، واحترام حقوق الإنسان.

كما يسهم العمل التطوعي في النهوض بمجتمعنا ووطننا، والوصول إلى اقتصاد مستدام، علاوة على مساعدة الشباب السعودي في بناء مستقبلهم المهني، ومواجهة التحديات المرحلية.

ومن منطلق ذلك، دأب مركز (إثراء) على تطوير العمل التطوعي والارتقاء بقدرات الشباب وإمكاناتهم من خلال تقديم فرص تطوعية إثرائية ممنهجة لتبادل المعلومات وتطوير المهارات، وتغذية الإبداع في كافة الحقول، فالتطوع ليس ساعات تطوعية فحسب، بل هو برنامج متكامل محفّز لتقديم مبادرات نوعية تدخل ضمن روزنامة البرامج التي يتم تقديمها للمتطوعين، وذلك سعيًا ليكون المركز منصّة رائدة ومستدامة للعمل التطوعي في مملكتنا الحبيبة.

ومن هنا، جاء اعتماد (إثراء) كأول وحدة تطوعية تطبّق المعيار الوطني السعودي للتطوع (إدامة) من بين 280 جهة تطوعية في المملكة، نظير جهوده في البرامج والمبادرات التطوعية التي يقدمها من المجتمع ولأجله.

ويفتخر المركز بتقديم فرصٍ تطوعيّة لأكثر من 9000 متطوع ومتطوعة حققوا من خلالها أكثر من نصف مليون ساعة تطوعية.

وعبر جهود أرامكو السعودية، ومركز إثراء بالتعاون مع أهم الشراكات المجتمعية، نطمح لتمكين أكثر من 100 ألف متطوع ومتطوعة من المشاركة الإيجابية في خدمة المجتمع بحلول عام 2030م، والمساهمة في تمكين هذا القطاع بشكل أكبر ورفع نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من أقل من 1% إلى 5% بنهاية عام 2030م، وذلك ضمن الجهود الحثيثة للمملكة تحت راية رؤيتها الطموحة.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف، يأتي إطلاق جائزة متطوعي إثراء والتي تهدف إلى تشجيع المتطوعين بمشاركة أفكارهم الإبداعية وتسليط الضوء على مبادراتهم المبتكرة، والتي لها تأثير إيجابي على المجتمع، ويتنامى هذا الشعور من كونهم جزءًا لا يتجزأ من فريق إثراء بل قلبه النابض، الذي يسعى في بُعده الجماعي إلى أن يصبح المركز منصّة تحتضن كافة أطياف المجتمع.

* مدير عام الشؤون العامة بأرامكو السعودية