سالم اليامي يكتب:

الزيارة التاريخية لفخامة الرئيس الصيني إلى المملكة، وعقد ثلاث قمم غير مسبوقة جاءت في ثلاثة مسارات هي على التوالي المسار السعودي - الصيني، والمسار الخليجي - الصيني، ثم مسار آخر هو في ملمحه العام عربي - صيني وإلى حد ما إقليمي - صيني. الكلمات المفتاحية لهذه اللقاءات السياسية التي تتم على أعلى المستويات هي الشراكة والإستراتيجية الشاملة. الذي حدث على أرض المملكة العربية السعودية، وبرعاية وتخطيط قيادتها المباركة، هو تفعيل مسارات قد تكون غير مسبوقة بين القوى السياسية والعسكرية والتنموية، بين قوة تبحث بجدية لها عن دور في صناعة وتسيير السياسة الدولية وبين مجموعة من الدول في المنطقة وفي آسيا قادرة على تحديد خياراتها الإستراتيجية والتنموية بصورة جديدة. يميز الطموحات السعودية - الصينية، والعربية - الصينية أكثر من أمر، أبرز تلك الأمور بروز الاهتمام بين القيادات بتشكيل علاقات مستقبلية تختلف عن تلك التي كانت سائدة في العقود السابقة، الأمر الثاني الرغبة القوية للقيادات في الصين والدول العربية في إنجاز مستقبل بمحددات جديدة وربما أدوار، وتأثيرات جديدة في السياستين العربية والإقليمية. وأخيرا يمكن للمراقب أن يرصد بوضوح أن لدى كل طرف من أطراف هذه العلاقة التي تصمم بناء على معطيات التكافؤ والاحترام والمسؤوليات المتبادلة، أن لدى كل طرف ما يحتاجه الطرف الآخر، وهذا يشي بخلق علاقة تكاملية ويمهد لآفاق واسعة من التعاون، وتبادل المنافع. فيما يخص العلاقات السعودية - الصينية وهي الحدث الأبرز في هذا المسار الجديد، يلفت عدد الاتفاقيات التي وقعت وأيضا كان من اللافت دور القطاع الخاص السعودي الوطني في خلق شراكات ذات مستقبل مبشر مع الجانب الصيني. الطموح التنموي والتخطيطي هو أيضا علامة بارزة في هذا الحدث التاريخي، حيث لدى الأطراف التي صنعت الحدث خططها، ومشاريعها الحيوية، التي تنطلق للمستقبل بثقة وتخطيط ومشاريع أكثر ثباتا وقدرة على الإنجاز والتحدي. قد يتوقف البعض عند جزئية تم الاتفاق عليها بأن تكون هذه الخطوة التشاركية العملية دورية كل عامين بشكل متبادل بين الصين والعالم العربي، وهذا في الغالب يؤكد العزم على أن هذه الشراكات حيوية وتحتاج إلى الدعم المباشر من القيادات السياسية في أعلى سلم المسؤولية. النقطة التي تمت الإشارة إليها كثيرا في التحليلات، والتقارير حول هذا الحدث التاريخي الذي صنعه العرب والصين عبر البوابة والتخطيط السعودي أنها ستحدث أثرا في موازين العلاقات الدولية، وستدخل متغيرات في بعض العلاقات التقليدية في الفترة الماضية، لكن كل ذلك لا يهم طالما أن كل هذه الإنجازات لخير الإنسان في الصين والعالم العربي، وطالما أن هذه التطورات لم تنتقص من حقوق أحد في المنظومة الدولية.