بين الحين والآخر نسمع عن قرارات تخص ضبط حضور وانصراف الموظفين، ودائماً ما يتسع النقاش في هذا الموضوع، ما بين مؤيد ومعارض، والآراء تختلف هنا وفقاً لمركز صاحب الرأي سواء كان «أكاديميا، صاحب عمل، موظفا، عميلا أو مستفيدا»، وفي هذا المقال سأتطرق لوجهة نظري الشخصية عن هذا الأمر.
بدايةً.. لا نختلف بأن ضبط عملية الحضور والانصراف مهم إدارياً في أي منظمة، ولكن هذا لا يغنينا عن أمر مهم آخر، وهو إنتاجية الموظفين والتزامهم في إنجاز مهامهم العملية، وذلك لأن الإنتاجية هي هدف المنظمات وليس الحضور والانصراف، وكوجهة نظر شخصية أرى أن المسؤول المباشر لا ينظر لحضور وانصراف أي موظف يتبع له إلا في حالة التقصير في أداء مهامه.
في الفترة الماضية كانت هناك قرارات للعديد من القطاعات الحكومية، فيما يتعلق بضبط الحضور والانصراف، وتضمنت تلك القرارات الإعلان عن التوجه لتطبيق الأساليب التقنية الحديثة في هذا الجانب، مما يعني صرف مبالغ ليست بالقليلة لضبط هذا السلوك، وشخصياً أرى أن التركيز على هذا الجانب، دون التركيز على نشر ثقافة إدارة الوقت وما يسمى بحس المسؤولية لدى الموظفين لرفع مستويات الولاء والانتماء والإنتاجية، يعتبر هدرا للمال العام وبترا للتطوير الإداري.
هناك نقطة مهم التطرق لها، وهي أن ليس كل الوظائف يمكن التهاون في ضبط حضور وانصراف الموظفين فيها، فهناك وظائف تستدعي وجود الموظف في أوقات معينة لخدمة المستفيدين على سبيل المثال، وفي هذه الحالة تكون أهمية الحضور والانصراف متساوية لأهمية الإنتاجية، وأي تقصير في الحضور والانصراف سيكون له أثر واضح في إنتاجية الموظف.
من جانب آخر، بقاء الموظف لفترات طويلة في مقر العمل لا يعتبر مقياساً على تميز الموظف أو نجاحه أو حتى تميز المنظمة، فالأمر يتعلق بمهارة وثقافة إدارة الوقت، والتي تعتبر من أهم المهارات والثقافات، ووجودها يعتبر نجاحا إداريا يساهم في المحافظة على رفع مستويات الإنتاجية، والمحافظة على رفع مستويات التعاون بين الموظفين داخل مكان العمل، وأيضاً يرفع من مستويات الإبداع والابتكار داخل بيئة العمل.
من أهم الممارسات التي لها دور كبير في ضبط انضباطية الموظفين هو ما يعرف بـ «المرونة»، وهناك أنواع متعددة لتلك المرونة «المرونة في ساعات العمل، المرونة في مكان العمل، المرونة في أيام العمل»، وجميع تلك الأنواع لها تأثير على الإنتاجية بشكل مباشر، ويعتمد ذلك على نوعية المنظمة والوظائف فيها.
كوجهة نظر شخصية، أرى أن «بصمة الحضور والانصراف» ليست بالمسمى الصحيح، المسمى الصحيح هو «بصمة الضمير»، لأنها تعتمد على تعزيز المسؤولية الذاتية للموظف، التي تنبع من التزام أخلاقي وضمير واع، والحرص على مراعاة العمل والقيام بواجباته ومتطلباته على أكمل وجه.
ختاما؛ المهارات القيادية وثقافة المنشأة لهما دور كبير في ضبط الحضور والانصراف، وأيضاً في التحكم بمستويات الإنتاجية، وما نتطلع له في الوقت الحالي هو تعزيز الأساليب الإدارية الحديثة؛ حتى نرفع من حس المسؤولية والانتماء لدى الموظفين.