خالد العبيد

بين كل فترة وأخرى تقوم حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله- بإسعاد شعب المملكة الكريم بالعديد من القرارات التي تطال كل مناحي الحياة والتي تعمل على النهوض بمملكتنا الحبيبة اجتماعيا وصناعيا وبيئيا وصحيا وتعليميا وغيرها من العوامل التي تؤثر بالإيجاب على المجتمع وتخدم أبناءه وهي كثيرة، ولعل صدور الموافقة الكريمة على اعتبار يوم 23 مارس ليكون يوما للمسؤولية الاجتماعية دلالة واضحة على ذلك، فالمسؤولية الاجتماعية تعني الحفاظ على التوازن في المجتمع، وهي لا تتجه إلى مؤسسات الأعمال فقط، ولكن تتجه أيضا إلى من تؤثر أعماله على البيئة من تلوث أو تغير أو غيرها، وإلى ضمان تأمين رعايةٍ صحية للأشخاص في المناطق البعيدة وخاصة الريفية، وإزالة جميع العقبات المتمثّلة في أمور عديدة منها المسافة والوضع المالي، ويمكن أن تكون هذه المسؤولية سلبية، عند تجنّب الانخراط في أعمال ضارّة اجتماعيًا، أو يمكن أن تكون إيجابية، من خلال انخراطها بأنشطة تسعى إلى تحقيق الأهداف الاجتماعية مباشرةً.

إن اعتماد صنع القرارات الهامة والإيجابية من منطلقٍ أخلاقي وصحي واجتماعي وإيجابي أمر هام وضروري يخدم المجتمع ولا يؤثر كما يرى البعض على الدور الاقتصادي الأساسي للشركات.

المسؤولية الاجتماعية كما يجب أن تكون هي قلب ومحرك المواطنة وبدون مسؤولية اجتماعية لا توجد مواطنة حقيقية مكتملة شاملة مستدامة، ويرى العديد من الباحثين والمهتمين أننا حينما نتناول المسؤولية الاجتماعية للشباب فإننا نكون قد دخلنا فعليا في بحث جوهر بنية المجتمع، ووضعنا يدنا على مكمن خطورة الأزمات المهددة لأمن المجتمع واستقراره، ذلك لأن بنية المجتمع تتمحور في سياق تطورها الاجتماعي وتنميتها الاقتصادية على فكر وإبداع، ومشاركة فئات الشباب التي تشكل القاعدة العريضة في مجتمعاتنا.

وتتأسس المسؤولية الاجتماعية كما يرى المهتمون والباحثون على نظرية أخلاقية قوامها أن لكل كيان في المجتمع دورا يجب أن يقدمه لخدمة هذا المجتمع، وهو ما يعني أن للمسؤولية الاجتماعية صفة إلزامية تقتضي أن يقوم كل فرد بالواجبات التي يتوقعها منه المجتمع، فهو يحظى برعاية وحقوق من الوطن بما يعزز انتماءه، إلى التعرف على الوعي بالمسؤولية الاجتماعية وعلاقتها بالمواطنة، ومن الفرد إلى القطاعات المنتجة والفاعلة في الوطن، فالمسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص لا تعني مجرد المشاركة في الأعمال الخيرية وعمل حملات تطوعية وإنما تتسع لتشمل مسؤوليتهم تجاه أفراد المجتمع المتعاملين معهم والعمل على فتح باب العمل للشباب، فعملهم لمشاريع لاستيعاب البطالة مثلا عمل هام، وأيضا التدريب الذي يحتاجون إليه، وبحسب وثيقة عمل برنامج التحول الوطني تهدف مبادرة تعزيز قيام الشركات بمسؤوليتها الاجتماعية الموكلة إلى برنامج التحول الوطني إلى توفير حزمة من المحفزات تستهدف الشركات للقيام بدورها في تأسيس مؤسسات أهلية والقيام بحملات توعوية تعّرف بإنجازات قطاع الأعمال في المساهمة المجتمعية مما يسهم في تشجيع هذا القطاع في المساهمة المجتمعية وزيادتها وتنوعها، كما تهدف المبادرة إلى قياس الصورة الذهنية لمساهمة قطاع الأعمال في المجتمع.

وقد أكدت الرؤية السعودية 2030 على نهج تنموي أكثر استدامة، من خلال خلق موضع إستراتيجي أساسي للمسؤولية الاجتماعية لدى الشركات بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، برفع الوعي بمفهوم هذه المسؤولية، وإزالة اللبس بينه وبين العمل الخيري والتبرعات، وكذلك على دعم الشركات لتحقيق نمو لا يقتصر على الجوانب المادية فقط، وأن يكون الدعم في سبيل بناء قطاع أعمال لا يكتفي بالوصول للأرباح المادية، بل يسهم في النهوض بمجتمعه ووطنه ويقوم بمسؤوليته الاجتماعية. وقد حددت الإستراتيجية التي تعمل عليها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عددا من مؤشرات الأداء التشغيلية لقياس التقدم في التنفيذ، وضمان تحقيق المؤشرات الإستراتيجية لهدف برنامج التحول الوطني.

@khalid_ahmed_o