رغم ملئ مخزونات الطاقة في الاتحاد الاوروبي خلال الصيف، إلا أن سكان أوروبا مازالوا يعاننون من الارتفاع الحاد في فواتير الطاقة.
فأصبحت تدفئة البيت بشكل جيد هدفا أصعب هذا العام مع الارتفاع الحاد في فواتير الطاقة في أنحاء أوروبا، حيث قفزت أسعار الغاز، ما أدى إلى اضطراب الأسواق العالمية، مع تسابق أوروبا وآسيا لشراء شحنات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة وقطر ودول منتجة أخرى.
وهو ما أدى إلى زيادة أسعار الغاز فقبل الحرب، كان سعر الغاز وفيرًا ورخيصًا، وقد ناهز سعره المرجعي في السوق الأوروبية حوالى 20 يورو لكل ميجاواط في الساعة، لكنه ارتفع إلى 300 قبل أن يتراجع إلى حوالى 100 يورو.
وهو ما أدى إلى انخفاض الاستهلاك المنزلي والتجاري استثنائي بحوالى 25٪ في أكتوبر مقارنة بفترة 2019-2021 في الاتحاد الأوروبي.
المصانع تتوقف
ولم يتوقف الأمر على التدفئة في المنازل، بل امتد إلى المصانع التي اضطرت إلى التوقف، وبخاصة قطاع الكيماويات الألماني الذي يعتمد على الغاز الروسي منذ الحقبة السوفياتية.
وبالرغم من أن فكرة استمرار أوروبا بدون الطاقة الروسية مستحيلة، ولكن المستحيل صار ممكنًا، إذ تسنى ملء الاحتياطيات الأوروبية إلى أقصاها في الصيف بفضل آخر امدادات الغاز الروسي، ولم يعان أحد من انقطاع الطاقة.
وعلى الناحية الأخرى فقدت روسيا أكبر مشتر لغازها، والتي تراجعت مشترياتها من 191 مليار متر مكعب عام 2019 إلى 90 مليارا هذا العام، وربما 38 في العام المقبل.
معركة شرسة بين أوروبا وآسيا
مع اضطراب الأوضاع في أوروبا، اضطرت لتعويض الفارق عبر الغاز الطبيعي المسال الذي اعتادت تجنّبه لارتفاع تكلفته، ولكن هذا وضعها في منافسة شرسة مع دول آسيا على الغاز.
فلم تستطع دول مثل الهند وباكستان المنافسة أمام القارة العجوز المستعدة لدفع أي أموال للحصول على الغاز، وبالتالي زاد اعتماد الدول الأقل ثراء على حرق الفحم.
وليس الحصول على الغاز المسال مشكلة أوروبا فقط، بل حتى بعد شراءه ليس هناك موانئ قادرة على إعادة تحويله إلى غاز وضخّه في شبكات الأنابيب، فليس في ألمانيا أي منها، بينما تملك فرنسا وإسبانيا عدة.
ولهذا أصبحت أنابيب الغاز في شمال شرق فرنسا والتي كانت تستخدم لاستيراد الغاز من الشرق، وباتت تنقل الغاز المستورد شرقا إلى ألمانيا عبر فو سورمير وسان نازير.
الشتاء المقبل الأصعب
ووفقًا لوكالة فرانس برس، فإن فرنسا ترسل الكثير من الغاز إلى سويسرا، ومنها إلى إيطاليا وألمانيا، ولكن المشكلة ستحدث في الشتاء المقبل والشتاء التالي، إذ لن يكون هناك المزيد من الغاز الروسي لملء الاحتياطات.
فكلما كان الشتاء أكثر برودة، كلما زادت الحاجة لشراء المزيد من الغاز الطبيعي المسال منذ الربيع، وستشتد بالتالي المعركة بين أوروبا وآسيا، في الوقت الذي لا يوجد في العالم ما يكفي من الغاز في العالم لتعويض الغاز الروسي، ولن تنتج مشاريع الغاز الطبيعي المسال الجديدة ملايين الأطنان الإضافية حتى عام 2025 أو 2026.