غاليه المطيري

@1428_mona

جلس على مقعده في الطائرة المتجهة للرياض والسعادة تغمر قلبه، ونظرة الفرح والشوق تشعُّ من عينيه؛ لأنه عائد بأمل بعد إنهاء مدة ابتعاثه، فلقد عاد بمعدل عالٍ مع مرتبة الشرف بالإخراج، وتنهَّد بفخر وهو يتذكر أنه لم يكتفِ بذلك، بل درس التمثيل في معهد متطور.. بل وأصبح يتقن فن التمثيل بتعابير وجهه؛ لأنه شديد الإيمان بأن التمثيل لابد أن يحاكي الواقع، وأن يكون الممثل قادرًا على أداء الدور بكل احترافية، وأن تعابير الوجه لابد أن تحاكي الواقع في المشاهد الدرامية، وتجسّد أدق تفاصيل لحظة الفرح أو الحزن أو الغضب أو الخبث للشخصية التي يقوم بأداء دورها في الملحمة الدرامية، وأغمض عينيه وهو يتخيَّل أنه سيُخرج أفضل مسلسل درامي سعودي، فهذا كان حلمه؛ لذلك كانت تؤلمه نظرة أن يكون التمثيل عند البعض حركات بهلوانية وتنكيتًا، حتى غلب ذلك الكركتر على شخصية بعض الممثلين السعوديين، وأصبح هذا هو قالبهم الذي لا يمكنهم الخروج منه، حتى عند تمثيلهم أدوارًا درامية.

فهو يرى أن نجاح بعض المسلسلات في تلك الحقبة من الدراما السعودية يكمن في اختيار المواضيع ذات الصفة الخلافية، فكان صنّاع تلك الدراما يعتمدون في نجاحهم على إثارة الجدل في طرحهم دون الاهتمام بأداء الممثلين وتطويره، وتحسين الصنعة الإخراجية، وحتى استخدام المؤثرات، إما كان مبالغًا فيه في بعض الأعمال أو مهملًا في أعمال أخرى.

وأقلقته فكرة وجود صعوبات في تحقيق حلمه ذاك.

وأولى تلك الصعوبات وجود النص المتميز. والسيناريوهات ذات الطابع البسيط والشيق وذات الحبكة الدرامية التي تلامس الواقع.

خرج من محيط التفكير الصامت عندما همهم بصوت مسموع وهو يقول الحمد لله.. عندنا كفاءات جبارة في كتابة النصوص.

إذن يتبقى الممثلون.. انتبه لنفسه وأخفض صوته، وعاد يسبح في ملكوت أفكاره حتى قطع ذلك صوت المضيفة تعلن وصول الرحلة.

وبعد مُضي عدة أيام كان في إحدى القنوات حاملًا مؤهلاته وسيرته الذاتية وهو يشعر بالزهو، ولكن برودة ذلك الشخص القابع في مكان الاستقبال جعلت قليلًا من القلق يسري في خلده.

أشار له ذلك الشخص بأن يتجه إلى استديو تصوير في تلك القناة؛ لينتظر المسؤول.

وأثناء الانتظار تجاذب أطراف الحديث مع شخص بجواره توحي هيئته بالسيادة والقيادة في تلك القناة.

فأخذ صاحبنا يتحدث عن وجود كفاءات في الدراما السعودية لم تأخذ حقها، ولعل ذلك سببه الواسطة، وأن تلك الشخصيات كان من الممكن أن تحقق مسلسلات مميزة لو ملكت التدريب والفرص.

رد عليه محدثه: وهل تظن الوضع تغيّر؟

أجاب: نعم، ولذلك أنا هنا اليوم، وأعمل على تشكيل فريق عمل مميّز لإنتاج عمل درامي سعودي يمتلك المقدرة على المنافسة عالميًّا.

نظر محدّثه له باستغراب: وقال هل أنت هنا دون خطاب توصية من أي شخصية معروفة في هذا المجال؟

ردَّ عليه: بكل فخر مؤهّلاتي وخبرتي ودراستي هي خطاب توصيتي.

ردّ عليه: عُد إذًا يا عزيزي إلى مقعد طائرتك التي قدِمت بها وأكمل أحلامك، فالمجتمع الفني الذي تأمل به لم يولد بعد.