أروى المزاحم

تتنوع الرسائل الحضارية التي تبعث بها دول العالم أجمع، وبلا أدنى شك فإن للدول العربية والإسلامية النصيب الأكبر من الإرث الثقافي العريق، فالبلدان العربية تزخر بإرث ثقافي وفني يمتد لمئات السنين، والذي يندرج ضمن الإرث الإنساني الذي يشكل قيمة تاريخية عظيمة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (يونسكو)، والذي يبدو أيضا كجسر يربط بين جميع الحضارات باختلاف تفكيرهم وتوجهاتهم.

إن الإنسان كائن بطبعه يحتاج لتغذية فكره وحواسه بالمعرفة، يحتاج للابتعاد قليلا عن الصلابة والجمود التي تفقده قدرته في تذوق الفنون والاندماج معها، ففي حين أننا ننظر للثقافة والفنون على أنها حافز لتنوير العقول وتشجيعها على الإبداع، إلا إنه لا تزال هناك فئة ضئيلة تنظر نحوها بأنها مضيعة للوقت وعدوة للقيم والأخلاق.

خلال أعوام دراستي شهدت قدرا لا بأس به من الفنون التي ما زالت محفورة في عقلي حتى هذه اللحظة، كإلقاء الشعر في المحافل والاجتماعات، والتمثيليات التي قمت بأدائها أنا وصديقاتي أمام معلماتي ومديرة المدرسة والطالبات، والتي كنا نخصص لها وقتا في حصص الأنشطة للتدرب على أدائها من أجل حفل نهاية العام، كانت حصص الأنشطة تحفل بالفنون الجميلة، بالرغم من أنها لم تكن كثيفة جدا، ولكن وجودها القليل زاد من تدفق شغفنا ناحية الأدب والثقافة، بالرغم من أنه في بادئ الأمر لم يكن ينظر إليها على أنها أمر مهم بتاتا كدراسة المقررات الأساسية، ولعل السبب جائرا بحقها ذلك أنه لا علامات مستحقة تضاف للشهادة بسببها، الأمر الذي قلل من تواجدها وأهميتها، ولكنها من جانب آخر كان لها دور معنوي هام في إثراء الجانب الإبداعي وزيادة الوعي الفكري الثقافي.

نلاحظ اليوم بفضل الله ثم بمساع من وزارة الثقافة والإعلام توسعا في انتشار أنواع من الثقافة والفنون، ولعل أبرزها كان من خلال معارض الكتاب الدولية التي باتت تستقطب جميع المهتمين بالثقافة بأنواعها وأصبح يقصدها الكبير قبل الصغير، الأمر الذي سيترتب عليه لاحقا إثراء العقول، وضخ المزيد من الأعمال الفنية والإبداعية، والتي تصب في صالح تطور وتنمية المجتمع، وبالتالي زيادة مستوى الحضارة الإنسانية وزيادة الإرث الإنساني.

ومضة:

الحضارة تعلم، أما الثقافة فتنور، تحتاج الأولى إلى تعلم، أما الثانية فتحتاج إلى تأمل.

@ al_muzahem