أنيسة الشريف مكي

«المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا»،

الأبناء نعمة من نعم الله تعالى، أتعجب من بعض الآباء الذين يفرقون في المعاملة

إما بسبب الجنس فيحبون الذكور أكثر من الإناث، سلوك جاهلي مرفوض دينيا وإنسانيا.

وأيضا ما يسبب الإحباط للأبناء تمييز بعضهم عن بعض في الاهتمام في المعاملة، فمثلا أحد الأبناء درجة ذكائه خارقة، هبة من الله، من واجبنا نحن الآباء تنمية هذا الذكاء وتشجيع الموهوب والمتفوق، ولكن ليس على حساب الآخرين من الأبناء.

وكذلك الإفراط في محبة وتدليل الأبناء، في حين يتعرض الأبناء الآخرون للمعاملة القاسية، بعضهم نجده يستمع ويحاور ويناقش أفكارا ومواضيع مهمة ومحفزة وبحب ويهمل الأخوة الآخرين، والأكثر سوءا عندما يغلق الباب في وجه أحد الأبناء في أي حديث أو حوار. وجع وتدمير لشخصية الابن الموجوع، لا حول ولا قوة إلا بالله.

والوجع كما وصف له أشكال وألوان، والأسوأ عندما يكون من قريب، فكيف لو كان هذا القريب أحد الأبوين.

كنت في مناسبة عائلية، وسمعت وشاهدت بأم عيني مديح وذكر محاسن لأحد الأبناء والدرجات التي حصل عليها، وشهادات التقدير التي أعطته المدرسة، وبقية الأخوة حاضرون مع تجريحهم وذكر سلبياتهم أمام الأقرباء والأصدقاء، والصمت عن عدم ذكر محاسنهم شهادة من أحد الوالدين بأنهم لم يستحقوا الشكر، لعدم تمكنهم من الحصول على درجات جيدة.

السبب الرئيس بالطبع والذي سيحاسب عليه الآباء التمييز في المعاملة.

أبناؤنا أمانة في أعناقنا، نحاسب على أي تقصير في تربيتهم، ومن المؤسف أن هناك بعض الآباء يميزون بين أبنائهم في المعاملة، حتى في الاهتمام والرعاية.

أتمنى ممن يتعامل مع أبنائه بهذا الأسلوب ألا يفاجأ عندما يصاب أطفاله بأمراض نفسية كعدم الثقة والانطواء والعزلة والاكتئاب، ولا يستغرب عندما يرى الكراهية والحقد والغيرة من الأخوة لأخيهم المميز، وربما تحولوا لمتنمرين وانعكست الآية من طفل مميز لطفل يعاني من أخوته التنمر بالضرب والأذى وسوء المعاملة، ما ذنبه؟! الذنب ذنب التفريق في المعاملة، حتى المميز منهم تربية كهذه تفسده فيصبح أنانيا ويريد امتلاك كل شيء.

أتمنى على الأم والأب عدم التفريق في المعاملة، وأذكر بأن ما سيحدث - لا قدر الله - للأخوة غير الكراهية لأخيهم المميز، اللجوء للبحث عن الحنان والاحتواء من الغرباء والكارثة اللجوء لأصدقاء السوء وغير الأسوياء الذين لا تعرف سلوكياتهم ولا توجهاتهم، بالإضافة لغياب التوجيه والقدوة الصالحة من الآباء.

كل هذه العوامل مصانع للجنوح والانحراف، فلا تستسهلوا هذه الأمور. وقد يكرهون آباءهم وربما تنتقل هذه التربية المبنية على التميز وعدم العدل بين الأبناء، من الأبناء لأبنائهم بالوراثة.

العدل وقناعة الوالدين بالعدل بين الأبناء، فرض لإرضاء الله قبل إرضاء الأبناء. حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.

aneesa_makki@