التواصل يُعدُّ من أهم أسباب سوء الفهم والخلافات ومقاومة التغيير، حيث إن الإنسان عدو ما يجهله، ولذا تُعدُّ خطط التواصل الإستراتيجية والتنفيذية من الضرورات في التطوير والتحوُّل حين تنقل الرسائل بالطريقة المناسبة بين المستويات الفكرية البشرية. وعندما نتحدث عن بيئة العمل فإن التواصل المؤسسي حين يشمل التواصل الداخلي سيعد مساندًا إستراتيجيًّا مهمًّا خارجيًّا للجمهور وداخليًّا للموارد البشرية حين تتعدى مهمته الإعلام والعلاقات العامة إلى إشراك الموظفين ضمن رؤية المنظومة التي تنبثق من الرؤية الوطنية، ما يساهم في تثقيف الموظفين وتنمية رأس المال البشري من خلال المعرفة والتحفيز والتطوير والتحفيز، وتأمين القنوات المشجّعة على الإبداع والابتكار، واكتشاف المواهب، والتوعية الشاملة، وفيما يختص بأنظمة العمل وحقوق وواجبات الموظف.
في الصحة على سبيل المثال، فالتواصل يرتبط برضا المرضى، كما وضّحتها الدراسة التي نُشرت في NCBI بعنوان
Healthcare Workers Satisfaction And Patient satisfaction. Where Is The Linkage
فقد ذكرت الدراسة أن إهمال موظفي المنظومة الصحية واستجابتهم لاحتياجات العملاء، سواء كانوا موظفين أو مستفيدين من الخدمات الصحية، من أهم أسباب استياء المرضى وذويهم، والتي تعود بكثير من الأحيان لعدم رضا الموظف، وضعف انتمائه بمؤسسته، كما نُشر في دراسة بعنوان
The Influence Of Employee Satisfaction On Patient Satisfaction And Safety
والتي أكدت أهمية رضا الموظف للوصول لرضا المريض، وعلاقة ذلك بتحقيق سلامة المرضى، والتقليل من الأخطاء المهنية، وأن التواصل معهم يحسن من أدائهم المرتبط بسلامة المرضى، والتقليل من الأخطاء الطبية.
لا يمكن منع الشكاوى أو تحقيق الرضا الكامل، خصوصًا في القطاعات الخدمية، لكن يمكن تحليل الشكاوى وربطها بالمشاكل التي يمكن حلها.
ومن ذلك تحديات تواصل الموظف الذي بمواجهة مع الجمهور في بيئة العمل مع اختلاف القيم الإنسانية والثقافات والمعتقدات والقناعات، خصوصًا التي تواجه ضغط المراجعين الكبير كالقطاعات الخدمية، والذي يحتم إيجاد آلية تساعد الموظفين على التعامل مع شكاوى وملاحظات المراجعين، بما لا يمثل أيضًا ضغطًا على الموظف؛ ليكون بين سنديان التقصير والمحاسبة من جهة عمله أو إرضاء المراجع بما ليس من حقه، ويعرضه للمساءلة كذلك.
ونعود للصحة، حيث إن هناك دراسات علمية حول أثر تطوير مهارات التواصل عند الموظفين يساهم في تحسين الجودة ورضا المرضى نُشرت في popmed بعنوان
Communication Skills To Improve Patient Satisfaction And Quality Of Care
تطوير مهارات التواصل عند الموظفين خصوصًا مَن له علاقة بالجمهور يساعد في إيصال المعلومات لهم، وإشراكهم بصناعة القرار، ويحفز من الارتباط الوظيفي، وتحسين العلاقات بين الموظفين أنفسهم وإداراتهم وقياداتهم.
يساهم التواصل في التطوير، ومن ذلك معالجة تعثر العديد من المشاريع أو البرامج التي خططها القياديون، ووفرت لها الإمكانيات والموارد المادية، ولكنها تعثرت أو لم تجنِ أهدافها المرسومة في مرحلة التنفيذ، وذلك يعود لأهمية العامل البشري كما بيَّنته دراسة نُشرت في BMJ بعنوان
Human Factors And Ergonomics And Quality Improvement Science: Integrating Approaches For Safety In Healthcare
حيث يمكن إشراك المنفذين من الكوادر البشرية في رؤية وأهداف وإستراتيجيات القيادة، وتحقيق التواصل الفعَّال لمتابعة المشاريع ومعالجة الخلل والتعثر بشكل عاجل، ولذلك تطورت وسائل التواصل في إدارة المشاريع لربط القيادات مع الموظفين، مهما كان البُعد الجغرافي والزمني بلقاءات منظمة وموثقة؛ لتسريع الإنجاز ومعالجة الخلل، وتمكّن القيادات العليا من الاطلاع عليها في حال تعثر المشاريع، وتتيح لهم الفرصة للتحليل الكمي والنوعي للخطط التنفيذية والتطويرية فيما يخص تحسين الخدمات ومعرفة مواطن الخلل في الأداء.
@DrLalibrahim