قالت مجلة بوليتيكو إن الحرب في أوكرانيا هي معركة حاسمة حول مستقبل أوروبا، وإعادة تشكيلها الجغرافي الاستراتيجي ، وبالتالي بنيتها الأمنية الجديدة.
وبحسب مقال لـأندرو ميتشا، عميد كلية الدراسات الدولية والأمنية في مركز جورج سي مارشال الأوروبي للأمن، فإن تلك الحرب كشفت الهيكل العظمي المتكلس لتوزيع القوة في أوروبا، والذي يبدو مغمورًا تحت غطاء من مؤسسات ولدت لتعويض الضعف العسكري للقارة بعد عام 1945.
جدل سياسي
أضاف: كما كشفت الحرب أيضًا عن مصالح وتحالفات متنافسة داخل أوروبا ، كما نقلت إلى الصدارة التساؤلات حول ما إذا كانت المؤسسات القائمة لا تزال على مستوى الحدث.
وتساءل: هل حلف الناتو والاتحاد الأوروبي قادران على تحفيز أوروبا للوقوف في وجه روسيا؟ أم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سينجح في إعادة احتلاله الإمبريالي لأوكرانيا، وإعادة تأسيس مجال نفوذه في أوروبا الشرقية، وبمجرد أن يتم تجديد جيشه في غضون سنوات قليلة، ربما يتحدى الناتو بشكل مباشر؟
ومضى يقول: يدور الجدل السياسي في أوروبا فيما يخص أوكرانيا حول ما إذا كان لا يزال من الممكن أن يكون هناك نهاية للعبة تتوافق مع الوضع القائم سابقًا بمجرد توقف إطلاق النار.
تجنب الأسئلة الأمنية
لفت إلى أن السبب في ذلك جزئيًا، هو أن الحوار حول مستقبل أوكرانيا كان مدفوعًا بالتوسع المألوف في الاتحاد الأوروبي، وتجنب الأسئلة الأمنية الأساسية، مثل عضوية البلاد في الناتو، إلى حد كبير.
واستطرد:يدور حلف الناتو في نهاية المطاف حول القوة الصلبة والدفاع الجماعي ، وسيكون توزيع القوة الصلبة بعد الحرب هو الذي سيقود التأطير المؤسسي ويحدد البنية الجديدة لأوروبا المستقبلية.
وأردف: تمامًا كما حدث في بداية الحرب الباردة، سيظهر مركز ثقل جديد في أوروبا، لا سيما في الشمال الشرقي منها.
وأوضح أن قرار فنلندا والسويد بالسعي للانضمام إلى الناتو ليس سوى المثال الأكثر وضوحًا على هذا التغيير الذي يتكشف.
حلول للماضي
أردف: مع ذلك، فمن الناحية التاريخية، تنتمي الحلول المؤسسية للمعضلات الأمنية إلى الماضي، على الرغم من أنها تدعي أنها تقدم حلولًا للمستقبل.
وأضاف: بالطبع، يمكن للترتيبات الأمنية المؤسسية أن تدعم التحالفات، ولكن فقط عندما تعكس تلك المؤسسات قوة ومصالح حقيقية.
وتابع: في حين أن خطر الانتقام الروسي في أوروبا أعاد تنشيط الناتو سياسيًا، في ظل غياب إعادة تسليح أوروبية حقيقية، فإن التحالف الموقر سيصبح مجوفًا وغير ذي أهمية.
منعطف حاد
خلص إلى أن أوروبا اصبحت اليوم في منعطف حاد، لأنها لا تزال مرتبطة بالتفكير المؤسسي المنفصل بشكل متزايد عن حقائق القوة الصارمة على الأرض.
وتابع: في الوقت نفسه ، يشعر القادة السياسيون في القارة أن ما يحدث في أوكرانيا سيحدد مسار تطور أوروبا ، وبالتالي العلاقات عبر الأطلسي.