هل تتذكر بعض الكلمات القاسية التي سمعتها في صغرك من معلم أو قريب وما زالت تؤذي مشاعرك؟
هل تتذكر بعض المواقف التي تسبب فيها شخص عزيز عليك بانكسار في داخلك؟
هل تتذكر انتقادا لاذعا من رئيسك في العمل ولو قبل سنوات كيف تركك مهزوزا من الداخل؟
هل تدرك حجم المعاناة التي يتركها التنمر اللفظي والجسدي أو الابتزاز العاطفي على الشخص؟
هل تخيَّلت كيف أن شخصا يزهد في لقاء دوري يجتمع فيه بأصدقاء الجامعة أو الجيران أو ربما الأقارب، فقط لأن أحد الحاضرين هو ممن لا يزن كلماته، فيجرح هذا ويقاطع ذاك، ويعلي صوته على الآخرين، ويناقشهم بحدة وبنبرة استعلائية بغيضة؟
هل خرجت يومًا من البقالة أو المسجد أو الصيدلية ووجدت مَن يسد عليك المخرج بسيارته، بحجة أنه مستعجل ليدرك الصلاة أو لشراء الدواء، وأنه لن يستغرق سوى دقائق معدودة..!
إنها صور مختلفة من واقعنا لـ «الأذى» بمفهومه الشامل. ولقد جاء في الحديث الصحيح أن رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- قال: «بينما رجل يمشي بطريق، وجد غصن شوك على الطريق، فأخره، فشكر الله له، فغفر له».
هل تتخيل كيف شهد له رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بأن الله «جل في علاه» استحسن صنيعه من فوق سابع سماء، فشكر له، وغفر له، فقط لأنه أزاح عن طريق الناس ما قد يؤذيهم.
فكيف بمن وضع الأذى في طريقهم؟
بل ما بالك بمن كان هو نفسه أذى للآخرين؟ ضيق عليهم في طرقاتهم ومعيشتهم، وآذاهم في أنفسهم، وتلاعب بمشاعرهم وعواطفهم، وحطَّم آمالهم واستهزأ بأحلامهم، وتسبب بأوجاعهم وزاد من آلامهم.
برأيي أن جبر الخواطر المنكسرة يُعد من إماطة الأذى.
وكلمة تحفيز لشخص محبط هي من إماطة الأذى. وتعزيز ثقة أحدهم بنفسه بعد أن كانت مهزوزة من إماطة الأذى كذلك. وتخفيف آلام أحدهم بكلمة مواساة صادقة من إماطة الأذى. وتذليل الصعوبات والعوائق أمام الآخرين لتحقيق أحلامهم من إماطة الأذى.
ولا شك عندي في أن هذا العمل وهو «إماطة الأذى» بمفهومه الشامل من أنفع الأعمال الصالحة، كيف لا وقد غفر الله لصاحبه.
فكن كالبلسم تمسح الأذى عن قلوب الآخرين، وتفسح الطريق لهم للسير قُدما لتحقيق ذواتهم، وتجلو الغشاوة عن أعينهم ليروا طريقهم بوضوح، وتزيل العوائق من أمامهم ليصلوا لأهدافهم.
لا تكن في المجالس والاجتماعات صاحب الصوت الأعلى المؤذي، بل صاحب الكلمة الحسنة والفكرة الهادفة.
لا تكن في حياة مَن حولك «أذى»، بل ساهم دائمًا في إماطته.
@MetebQ