عبدالعزيز الذكير يكتب:@A_Althukair

في الصيدليات وأسواق السلع الأخرى يرى المارّ رفوفًا مزدحمة بزجاجات ملوّنة تُشير ملصقات التعريف عليها أنها مُطهّرات للفم، وحامية للأسنان وقاتلة لميكروبات اللثة.

بعضها بالنعناع وأخرى بالشاي الأخضر وثالثة بالليمون ورابعة بنكهة الفراولة..!، ولن نعجب لو رأينا أنواعًا بطعم القهوة العربية..!!، ونكهة الهيل المسمار، وقد نرى برائحة الثوم (أوليس الثوم مضادا للالتهاب)؟!!.

لا نختلف بأن الشركات المصنعة لمستْ حرصنا على الفم والأسنان، فما أمامها إلا استغلال هذا الخوف وتوظيفه لفتح منافذ البيع والتوزيع، والدجل أيضًا.

مسألة أطباء الأسنان في بلادنا ترفع أجورها وتنزل وتقف وتتراجع حسب - فيما يبدو - سوق العرض والطلب.

قريبة لي ذهبت بابنتها دون السنتين إلى مستوصف أهلي ذي اسم مشهور فقالوا مائة وخمسين ريالا فتح ملف.. ومثلها تصوير والحشوة بخمسمائة والجميع ثمانمائة.

ثم استدارت المرأة إلى عيادة خاصة قريبة من منزلها ووجدت أطباء وممرضات وطالعوا سن الطفلة فقالوا «حشوة بسيطة.. ببلاش..!».. والفرق بين الجوابين واضح.

صحيح أن طبيب الأسنان مثل غيره عليه الاستقصاء عن الحالة قبل البدء وإخبار المراجع بقيمة الفاتورة الكلية المتوقعة، وهذا شيء جميل.. لكن فيما يبدو لي أن عملية مراجعة أطباء وعيادة الأسنان أصبحت نوعًا من الميزة، أو الـ «بريستيج».

ذهبت إلى طبيب سعودي استشاري ومدرس للمادة أشكو من اللثة - وليس الأسنان.. فلم يأخذ سوى كشفية ثم قال: حتى الدواء لا تحتاجه.. ماء وملح ثلاث مرات في اليوم غرغرة..

ماء وملح؟

هذا ما كان آباؤنا يفعلونه عندما يخلعون ضروسهم أو أسنانهم في زاوية من شارع غير نافذ - تمثل العيادة في ذلك الزمن، يقلع الضرس بما يشبه الزرادية ثم «يدحاه» بالملح.. وحتما لم يكن يعلم آنذاك أن الملح لا يمكن أن يجتمع مع البكتيريا.. لأنه لم يعرف البكتيريا أصلا.. لكنه إلهام من الله أعطانا إياه دون بحوث وتقصّ.

وذا شريكٌ من الأحياءِ يُـبْهجُهُ *** مَنْ يَتْرُك الثَّغْرَ دونَ الغَسْلِ نَسْيَانا