وجنات كلثوم @wajnat_mk

في يوم من الأيام وأثناء مضيِّنا في معترك الحياة نصعد أو ننحدر أو ننعطف قسرا وفجأة يصبح الطريق من وعر لهين يهوّنه الفوز بكنز ؟!

ترى هل كنا نسعى له ؟! غالبا لم نكن نبحث عنه أو نعلم بوجوده حيث كان.

أم هل هي الصدفة ؟! أو ترى هل حالفنا الحظ ؟!

أم صبرنا وظفرنا وما كان لنا أي حيله إلا الانتظار.

إحساس يغمرنا ويبدأ من خلاله سيناريو بيننا وبين أنفسنا فهذا ما كنا ننشده إنها السعادة، لكن ما زلنا نتوجس خيفة لا نعلم من أين نبدأ وكيف نتصرف؟

لا نريد إضاعة الكنز فالكثير الكثير أصبح أقرب إلينا وأوشكنا أن ننال مرادنا، الأحلام والفرص والأموال قادمة وحتى أحب الشهوات في إطار الشرعية والحلال البيّن وبعيدا عن الأمور المشتبهات.

أصبحنا مدركين أن ذلك الشعور هو السعادة وأنها في متناول الجميع وما هي إلا الوعي بوجودنا ودورنا في الحياة وصياغة أهدافنا بدقة وتطويع مواهبنا ومهاراتنا باحترافية لبلوغ تلك الأهداف.

ذلك الشعور الإنسانيّ هو ضرورة روحيّة وحالة معنوية نبحث عنها جميعا ويتفق العالم على توحيد الهدف لتحقيقها، ولا يختلف اثنان على أهمية وجودها فهي الحياة بمعانيها.

في الوقت الراهن تنوع العرض وكثر الطلب واختلفت المناهج وتعددت السبل فمنها المزعوم كدعاة الطاقة ومروجي أساليب للحياة دون مراعاة ما يتناسب معنا وما هو دخيل علينا، وكمن صنع من نفسه أيقونة الجمال حتى وصل لدرجة من التقديس والمكانة التي جذب بها حضوره ببعض الوهم مما أعطاه إمكانيات خرافية وخيالية تبعد عن واقع الكثير ممن يتابع هذا المشهد النمطي المبهرج.

والباحثون عن السعادة كثرة، والمتكلمون فيها أكثر بمختلف حالاتهم ومن بين السطور وعلى مشهد ومسمع الباحثين عن الكمال وعارضيه، نرى ازدهارا ملموسا تنقل صورته وسائل التواصل الاجتماعي المرئي حيث زادت مظاهر الترف والمراءاة وظن بعضهم أنّها السعادة وباتت الرغبة بالتقليد ومجاراة الوضع والبحث عنها حاجة ملحة تتصاعد على مر الأيام.

وماذا لو لم يكن باستطاعتنا الحصول على ما لم نملكه هل يعني ذلك أننا لن نستطيع العيش ؟!

بالتأكيد لا لأن السعادة ليست مطلبا لتطيب لنا الحياة، فالنقيض بعيش واقع مختلف عن تلك المظاهر لن يميتنا ولكن لن نستطيع أن نتذوق طعما للنجاح، فالانبهار يشتت التركيز ويضلل الفكر فأين نحن من أهدافنا وكيف تكون في متناولنا وما علاقة ذلك بالنجاح !..

إن السعادة يا أعزائي هي غاية وليست مطلبا ولكن لكي نحصل عليها لابد من البحث عن أسبابها أولا.. فكيف نصل لذلك الشعور.

إن مصادر السعادة عديدة حسب حاجات كل فرد وما تهفو إليه نفسه وما يتمناه أو يحلم به

وللوصول يجب أن نخطط لتوفير مطالبها وهي الاكتفاء ومنه القناعة ثم الرضا فإن لم نكتف لن نقنع والعكس وبدون ذلك لن نرضى فكيف تكتمل سعادتنا إن لم نكن راضين تمام الرضا عن أنفسنا..

وتختلف طرق الوصول حسب أهدافنا.

ولنبدأ على أساس سليم بالقرب من الله ذاكرين له.. قال تعالى «ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا»، وأن نتمسك بالقيم والمبادئ في حياتنا بشكل عام داعمين أفكارنا للوصول لمستوى عال من الوعي والحكمة دون الإخلال بجوانب المسئولية التي على عاتقنا تجاه الأسرة وتجاه علاقاتنا بشكل عام لرفع الثقة والأمان وتحديد الأولويات حتى لا تتحول جهودنا إلى ضربٍ من العبث وضياع للوقت سدى، فالتخطيط يحسن من توقع المستقبل ومواكبة التطورات المفاجئة والاستعداد والجاهزية لتدارك المواقف بمختلف الظروف.

والتخيُّل الحي ورسم صورة حية مستقبلية لأهدافنا، يسرع بلوغنا إلى مستوى وأداء أفضل، وسرّ ذلك يرجع إلى الكثافة الحسية وعمق التركيز على الصورة المستقبلية ( تفاءلوا بالخير تجدوه) تخيلوا أنكم حققتم الهدف واستشعروا ذلك بيقين.

وأن نضع أنفسنا في خانة الالتزام ونعاهد أنفسنا ونضعها في ميثاق سوف يجعلنا أكثر التزاما ولا نغفل عن إشراك محيطنا معنا مما يمكننا من تحقيق أهدافنا ربما أسرع مما كنا نتوقع المهم ألا نؤجل البداية مع مراعاة اختيار الوقت المناسب.

ومن الضروري أن نعرف إلى أي عالم ننتمي وإن لم نكن نعرف أنفسنا نتعرف عليها، نركز على نقاط قوتنا وضعفنا ونعيد النظر بالآخرين ونعيد تقييم أساليبنا في الحياة.

وأخيرا.. كل ذلك لن يكون إلا بالطموح فهو الطريق إلى السعادة يصعد بالإنسان إلى مستوى حياة رفيع بفكره الواعي يعرف ما له وما عليه، يحظى بوفرة تملأ وقته بالمفيد مستثمرا الفرص لصناعة الفرق في حياته فتتحقق سعادته على المستوى الفردي والعائلي والمجتمعي، ما يخلق تأثيرا ينعكس بإيجابية ونجاح..

.. لتبدؤوا حالا بكتابة سيناريو سعادتكم محددين الأهداف واضعين الخطط لمجابهة التحديات وتحقيق الغايات.

.. دمتم أصحاب السعادة..