د. خالد الغامدي

في أبنائنا تتجسَّد آمال أمتنا وطموحاتها، فهم أدوات نهضتها وتقدُّمها. وهم رأس مالنا وهم رجال المستقبل، فإما أن نستثمر هذا النشء فيكون جيلًا للنهضة، وإما أن نهمل استثماره، فيكون جيل الانحطاط والضعف. وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يربي شباب الصحابة، ويُعلي من شأنهم، والدليل على ذلك حين عيَّن شابًّا لا تزيد سِنُّه على سبعة عشر عامًا قائدًا لجيش، ومن جنوده أبو بكر وعمر، ألا وهو أسامة بن زيد رضي الله عنه، وهنا نستنتج أن الشباب لهم دور كبير في الأمة، ودور كبير في النهضة، ودور كبير في التقدم، واليوم بسبب كثرة المشاغل على الآباء والأمهات لم تعُد التربية والتوجيه حكرًا على الأسرة أو المدرسة؛ بسبب الانفتاح الكبير والهائل في الإعلام بجميع أنواعه، فأصبح مَن يتواجد خلف وسائل التواصل هو مَن يمارس التوجيه والتربية والتأثير على أبنائنا، خاصة مَن هم خلف الأبواب المغلقة من أبنائنا في كل وقت ليلًا ونهارًا، ولا يحكمهم مكان أو زمان.

وما يحدث لهم خلف هذه الأبواب المغلقة أشياء كثيرة تتحوَّل طفولتهم من واحة الطمأنينة إلى فخ مرعب يلتهم تفرُّدهم وإبداعهم ويحوّلهم إلى أعداء لأنفسهم وأسرهم ومجتمعهم، وقد يتجاوز إلى بلادهم ودينهم، والسبيل إلى خروجهم من خلف الأبواب المغلقة.

قال نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم: (كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والأمير راعٍ، والرجل راعٍ على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولدِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِه)؛ متفق عليه.

ومما قاله سمو ولي العهد في رؤية المملكة العربية السعوديّة 2030، نلتزم أمامكم بأن نكون من أفضل دول العالم، ومعًا سنكمل بناء بلادنا؛ لتكون كما نتمناها جميعًا مزدهرةً قويةً تقوم على سواعد أبنائها وبناتها، وتستفيد من مقدّراتها، ونحن نملك كل العوامل التي تمكننا من تحقيق أهدافنا معًا، ولا عُذر لأحدٍ منا في أن نبقى في مكاننا، أو أن نتراجع لا قدَّر الله. وهذا يتحقق إذا أخرجنا أبناءنا وأنفسنا من خلف الأبواب المغلقة؛ لذا يجب علينا أن نلتفت كثيرًا إلى أبنائنا؛ لنقترب منهم، ونستشير الخبراء في تربتهم، ونبذل عليهم كل جهد في سبيل إكسابهم الوعي السليم، والآداب الفاضلة، ونوجد لهم القدوة الحسنة، بحيث تكون قدوة ناجحة من الناحية العملية والنظرية.

وقد أكد ذلك أمير الشباب وقائدهم وقدوتهم، الأمير محمد بن سلمان، مرارًا وتكرارًا، على أهمية تمكين الشباب، واضعًا على رأس أولوياته هذه القضية الحيوية، خاصة أن الشباب هم رأس المال البشري لأي أمة، حيث يقول ولي العهد: «الشباب هم الطاقة الحقيقية، والقوة الحقيقية لتحقيق هذه الرؤية، وأهم ميزة لدينا هي أن شبابنا واعٍ وقوي ومثقف ومُبدع، لديه قيم عالية»، وأكد من قبل أيضًا قائلًا: «أتطلع إلى المستقبل بتفاؤل، مستقبل يصنعه شباب المملكة، وبسواعد أبنائنا سيفاجئ هذا الوطن العالم من جديد». وأؤكد هنا على خروجهم من خلف الأبواب المغلقة وإيجاد القدوات لهم.

​ @drkali2008