قلما تجد أحدًا منا، لم يكن لديه حلم أو أمنية في طفولته، أن يكون طيارًا، أو مهندسًا أو قل طبيبًا أو تاجرًا أو غير ذلك من المهن المرموقة، التي كنا نشاهد أصحابها ونحن صغار، والتي لا يزال لها صدى اجتماعي واسع حتى وقتنا الحاضر.
ولكن العديد منا لم يتسنَ له أن يحقق هذه الأمنية أو الحلم، إما لظروف وعوامل داخلية أو خارجية، فالظروف الداخلية تتمثل في عدم وضوح الهدف أو سبل الوصول إليه، أو ضعف الجدية والإصرار، أو قل في أحسن الأحوال تحوّل الطموح والرغبة بعد النضج ووضوح الهدف المنشود، وبالنسبة للظروف الخارجية، تجد أن منها ظهور متغيّرات جديدة على الساحة، كرفع نِسَب القبول في الجامعات، أو تحمّل المسؤولية بعد فقدان العائل، أو قلة ذات اليد وغيرها كثير.
لا شك في أن للعوامل الخارجية تأثيرًا على مسار حياتنا، إلا أن للعوامل الداخلية تأثيرًا أكبر بكثير، إلا أنه لا ينبغي لها أن تؤثر على ذواتنا وتدفعنا للإحباط، وتمنعنا من تكرار المحاولات والسعي إلى التغيير نحو الأفضل؛ لأن أكثر ما يقتل الطموح، هو جلوس المرء في منطقة الراحة والرضا بها؛ لأن صاحبها يرى التغيير في الغالب، جانبًا سلبيًا ومحبطًا، فلا أريد أن يتعلم مهارات جديدة ترفع من كفاءته وقدراته، والعامل الآخر هو ذلك العجز المكتسب، حيث يقنع المرء نفسه بأنه لا يستطيع تجربة أو تعلّم أو تغيير نمط حياته، بالرغم من توافر كافة الإمكانات لديه، أما العامل الداخلي الثالث، فهو تفضيل الطريق الأقل مقاومة، لسهولة خياراته والقدرة على تحقيق نتيجة من خلاله، وإن كانت متواضعة، والحقيقة المُرة أنه لا يمكن أن تتحقق نتيجة ذات قيمة عالية من دون تضحية وبذل.
وخلاصة القول: لا تجعل أي عامل داخلي أو خارجي يقف في طريقك إذا كان توجُّهك صحيحًا، فستيف هارفي المذيع المشهور جدًا، سألته معلمته وهو صغير عن أمنيته، فقال: أريد أن أصبح مذيعًا في التليفزيون، فسخرت منه؛ لأنه كان يتلعثم في الكلام، واليوم وقد تجاوزت ثروة ستيف ٢٠٠ مليون دولار، يبعث لمعلمته كل سنة جهاز تلفاز؛ ليذكّرها بأنه أصبح ما أرد بإصراره واجتهاده.
يقول محمد البكري:
سبيل العلا هلا على من تعللا
ومَن جدّ في سعي تمكنا
رأيت الثريا رؤية النجم للثرى
وذاك لأن الصعب ما زال ممكنًا
@azmani21