د. شلاش الضبعان يكتب:

هل شروط الاستفادة من الجمعيات الخيرية ثابتة منذ سنوات أم تتجدد؟

وأيضًا عندما يحتاج أحد الأقارب أو المعارف ويطلب منا، فهل نتعامل معه حسب الظاهر، أم أننا نرفع معاييرنا ونخرجه من دائرة الحاجة؟

للمتشددين في المعايير، أذكر قصة عظيمة من تاريخنا العظيم ذكرها شهاب الدين الأبشيهي في «المستطرف في كل فن مستظرف»، وتقول: كان أحمد بن طولون كثير الصدقة، وكان راتبه منها في الشهر ألف دينار، سوى ما يطرأ عليه من نذر أو صلة، وسوى ما يُطبخ في دار الصدقة.

وكان الموكل بصدقته سليم الخادم، فقال له سليم يومًا: أيها الأمير إني أطوف القبائل، وأدق الأبواب لصدقاتك، وإن اليد تمد إليّ، وفيها الحناء، وربما كان فيها الخاتم الذهب والسوار الذهب، أفأعطي أم أرد؟ قال: فأطرق طويلًا، ثم قال: كل يد امتدت إليك فلا تردها.

المعايير ضرورية ولازمة في تحقيق العدالة، وكل ضبط هو في مصلحة المحتاج؛ لأنه يوفر المال للمحتاج الحقيقي، ولكن يجب أن ندرك أنها ليست صالحة لكل زمان ومكان، فلكل زمان معاييره، وأيضًا لكل مكان معاييره، ولكل حالة معاييرها، ولذلك يجب أن نكون أكثر ذكاءً وفطنة في التعامل مع احتياج المحتاج، ونغلب حسن الظن، خصوصًا عندما يكون الطلب للمرة الأولى، وقد قال الفاروق «رضي الله عنه»: «لست بالخب ولا الخب يخدعني»، ويظل منهج العاقل أن الأصل حسن الظن حتى يتبيَّن عكس ذلك.

بدأت بقصة عجيبة من تاريخنا العظيم، وأختم بقصة عظيمة لأحد العظماء تقول: دخل رجل على علي بن سليمان الوزير، فقال له: سألتك بالله العظيم ونبيّه الكريم إلا ما أجرتني من خصمي، فقال: ومن خصمك حتى أجيرك منه؟، فقال: الفقر، فأطرق الوزير ساعة، وقال: قد أمرت لك بمائة ألف درهم، فأخذها وانصرف. فبينما هو في الطريق؛ إذ أمر الوزير بردّه إليه، فلما رجع قال له: سألتك بالله العظيم ونبيّه الكريم، متى أتاك خصمك معنّفًا، فارجع إلينا متظلمًا.

ما أشد عنف هذا الخصم على كثير من العائلات في وقتنا اليوم، وقد تكون هذه العائلات بجوار بيوتنا.

أعينوهم على خصمهم اللدود حتى وإن تنازلتم عن بعض المعايير.

@shlash2020