عبدالله الغنام

البعض منا يبدأ وضع خططه وأهدافه مع بداية السنة أو قبلها بقليل. وأنا شخصيًّا اعتدت أن أفعل ذلك مع بداية السنة الهجرية وليس الميلادية، وأفعل ذلك منذ عدة سنوات خلت.

وسواءً عليك أن وضعتها مع بداية السنة الهجرية أو الميلادية فهو سيان؛ لأن المهم أنك فكَّرت وعزمت وأقدمت على وضع الأهداف مع بداية كل سنة، فتلك خطوة مهمة جدًّا حتى ولو تكاسلت فيما بعد! فالبعض يرى أن مجرد كتابة الأهداف على الورق هي خطوة ضرورية جدًّا من أجل المُضي قُدمًا إلى مرحلة التنفيذ.

من الدلائل على أهمية وضع الأهداف والخطط بشكل دوري، سواء نصف سنوي أو سنويًّا، أنك تجد حرص أغلب الشركات والمؤسسات بالجرد والمراجعة قبيل نهاية السنة؛ ليعرفوا ما لهم وما عليهم، وماذا كسبوا؟ وماذا خسروا؟ والمُحصِّلة هي معرفة الأرباح والنتائج الإيجابية والسلبية.

وأعتقد أن حياتنا ككل أيضًا تحتاج ذلك، بل هي أهم. وهل الحياة إلا أيام معدودة تنقضي بسرعة، ومن الضروري أن نعرف ماذا عملنا وقدَّمنا؟ وما الذي يمكن أن نتأمل من المستقبل.

البعض منا يعتقد أن مسألة كتابة الأهداف السنوية هي مجرد كلام في كلام، وأن الأمر ليس ذا أهمية، والحقيقة أن مجرد كتابة الخطة أو الأهداف هو دافع بحد ذاته، وأكاد أجزم بأنه سبيل الناجحين.

ومن الملاحظ والمشاهد أن الناس في هذا الباب ينقسمون إلى ثلاثة أقسام. الأول منهم هم الناجحون في تحقيق جُل أهدافهم، وهؤلاء في العادة يكتبون خطة عامة وتفصيلية، ويرجعونها بشكل دوري ومستمر من أجل التأكد أنهم على الطريق الصحيح أو أن الخطة تحتاج إلى بعض التعديلات والتنقيحات.

وأما القسم الثاني فأولئك الذين يكتبون خطة عامة سنوية ويرجعون إليها بين الحين والآخر، ولكن ليس بشكل منتظم. وهؤلاء يحققون أيضًا جزءًا من أهدافهم ولكن ليس بالشكل المطلوب.

وأما الفئة الثالثة فهؤلاء لا يكترثون لكتابة الخطة أو الأهداف، ولعل مبدأهم في الحياة (طقها والحقها)، أي يسيرون كيفما اتفق. وهم يتعبون أنفسهم ومَن حولهم خصوصًا في منجزات الحياة المالية والمهنية.

والحقيقة أنني لا أقصد من هذا المقال التنظير؛ لأن البعض يجد ذلك مُملًّا وتقليدًا!! ولكن المقصد الرئيسي من هذا المقال هو ألا تسير في حياتك المالية والمهنية بشكل خاص، والحياة بشكل عام على عمى، بل لابد في أقل الأحوال من خطة عامة تعرف ماذا تريد؟ وإلى أين تسير؟ ومن كتاب العادات السبع للناس الأكثر فعالية للمؤلف ستيفن كوفي يذكر قاعدة مهمة جدًّا وهي: «ابدأ والغاية في ذهنك»، والسبب أني أقول لك ذلك أن الأيام سوف تجري بك بسرعة البرق، وعندما تصل إلى سن الخمسين أو الستين فسوف تقول: يا ليتني قدمت شيئًا لهذه الفترة أو المرحلة من حياتي؛ لأنها هي مرحلة قطف الثمر، والاستمتاع أكثر بالحياة، ولأنه يُفترض أنك تتعب منذ سن العشرين إلى الستين، وما بعدها سيكون أيضًا هناك عمل، ولكن بذكاء وليس بالجهد!

ولا أتمنى أن يُفهم من كلامي أن مرحلة ما بعد الخمسين للنوم والتقاعس، ولكن المقصد أن تجعل لحياتك خطة عامة وأهدافًا في مراحل متقدمة من عمرك حتى تتعود على هذه الطريقة في الحياة، فترتاح أنت وتريح مَن حولك؛ لأنك بذلك ستكون منذ فترة الشباب إلى ما بعدها من مراحل الحياة ستعرف ما تريد، والطريق الذي سوف تسلكه.

عزيزي القارئ، هل تريد أن أختصر لك المقال والخطة بشكل عام؟ (أحط نفسك بالناجحين) فسوف يختصر ذلك عليك نصف الطريق!

abdullaghannam@