سامي الجاسم samialjasim1@

في حياتنا تتصادم مواقفنا وآراؤنا بين ما نريد في حياتنا، وما يريده الناس منا.

ولعل هذا التصادم يُحدث التناقضات والفجوات، ويصنع عزلة حقيقية بين واقعنا الحقيقي الذي نريده، والحياة المثالية التي ترضي الآخرين عنا وتعطيهم انطباعًا جيدًا.

لا تستطيع في كل الأحوال أن تصنع مزيجًا مقبولًا أو خلطة سحرية تحقق التوافق بين ما تريد وما يريد الناس منك، وقد تجد المسافة بعيدة وطويلة لا تحقق نقطة التقاء بينكما.

كثير منا يتنازلون عن قِيَمهم ومبادئهم وقناعتهم ليرضوا الناس، حتى وإن كان ذلك على حساب ما يؤمنون به، هَمُّهم أن يرضي ذلك الناس عنهم، وهذا الأمر يكلّفهم الكثير، وقد يجلب لهم الإشكاليات المتعددة، فما يهواه الناس قد لا يتوافق مع هوى نفسك، أو ما تجزم أنت بصحته ويقينه.

عندما تكون قويًّا متمسكًا برأيك الذي لا يرضي الناس عنك على حساب نفسك وترفض التنازلات، وتمجّد القناعات، حيث لا خطوة إلا ما تقنع عقلك وتفكيرك، وما تؤمن به أنت أنه حقيقة واجبة الاتباع، حيث لا تقودك لإخفاقات أو تنازلات قد تجعل قناعات نفسك سرابًا، وحينها فقط سوف تنتصر لنفسك، فالتجاهل ليس دائمًا مصيدة أو فخًّا أو سبيلًا للفشل، بل قد يكون أولى خطوات النجاح.

عاشرت وعرفت بعضًا من البشر الذين جعلوا رضا الناس أولوية في حياتهم، وقدّموا قناعات الآخرين على قناعاتهم دون إدراك لقيمة وأهمية أنفسهم ومحيطهم المقرَّب، فجنوا انتكاسات وإخفاقات كتبت الفشل لكثير من مشاريع حياتهم المهمة.

لن يشاركك الآخرون تفاصيلك الدقيقة، ولا لحظاتك العصيبة، ولن يستوطنوا أماكنك المحببة التي ترتاح فيها، ولن يكونوا أوصياء على قراراتك، أو يتحمَّلوا نتائجها، وحدك مَن سيواجه ذلك، ووحدك مَن سيتحمَّل تبعات كل شيء في حياته، فلا تنتظر أن يتجاوز أو يتعايش أحد مع ظروفك وإمكانياتك وحدودك وقراراتك.

ليس للناس وصاية عليك إلا ما يخالف الدين أو العُرف أو الثوابت، فكن ثابتًا في رأيك ومبادئك، فقد دفع غيرك ثمنًا باهظًا ومرتفع التكاليف؛ لأنهم فقط فكّروا بردة فعل الناس وما سيقولونه عنهم، ونسوا أنفسهم وخالفوا يقينهم.

لا تحدث الفجوة بين ما تريد وما يريد غيرك، فلا شأن لأحد بك إذا كنت على صواب، ولا تجعل الإمعية تحكم حياتك، فهناك استقلالية واجبة تجعلك مرتاح البال مستيقظ الضمير.