علي بطيح العمري يكتب:@alomary2008

قرأتُ في أحد كتب الأديب الفقيه الشيخ علي الطنطاوي مقالًا يتحدث فيه عن (مدرسة الزوجات)، ويقول: إن الاحتلال الإسرائيلي أنشأها في فلسطين، وأن في العراق مدارس تشبهها اسمها مدارس الفنون البيتية..

المقال قديم للشيخ، ولا أدري إن كانت هذه المدارس موجودة اليوم أم لا.. لكنها فكرة رائعة.

يقول الكاتب: إن مدة الدراسة فيها سنتان بعد المرحلة الابتدائية، حيث تدرس البنت وتتعلم فيها كل ما تحتاجه المرأة أو الزوجة الصالحة من فنون الطبخ إلى العناية بالصحة، وكيفية إسعاد الزوج وتربية الأولاد، وشؤون الحمل والرضاع، وإدارة شؤون البيت..

ويواصل الكاتب ليقول إن الزوجة تتعلم بعض المهارات كدروس الخلافات الزوجية وكيفية التعامل معها، وكيف تتصرف المرأة إن كان زوجها شرسًا أو عنيفًا أو سكيرًا، أو يحب الكسل ويكره العمل...

أعجبتني فكرة المقال..

إيجاد مدارس متخصصة - أو حتى دورات مكثفة - تنخرط فيها الفتيات المُقبلات على الزواج، وأخذهن خلفية عن الزواج، وكيف تُدار الحياة الزوجية، وكيف تتعامل الزوجة، وكيف تتصرف مع المشكلات الزوجية...؟

فكرة وجود مدرسة - أو معهد أو سمّها ما شئت - لزوجات المستقبل تصلح لبناتنا اليوم وللشباب أيضًا لسببين:

الأول: تصحيح الخلفية الذهنية عن الزواج لدى الشباب والشابات، فالزواج ليس نزهة برية ولا حتى جمعة ولمّة تستمر أيامًا.. وليس (ورديًّا) كله كما تصوّره المسلسلات.. إنما هو شراكة قد تستمر عقودًا من الزمن، تتخللها الصعوبات وتسري عليه حالات المد والجزر، ويتعرض لعوامل التعرية، والمشاعر فيه كالأمواج تعلو أحيانًا وتنخفض حينًا.

والسبب الآخر ارتفاع (منسوب) الخلع عند البنات وتضخّم مؤشر الطلاق عند الشباب، وهي مؤشرات خطيرة وليست في صالح الأسر خاصة إذا كان الخلع أو الطلاق بناءً على أمور تافهة ولأسباب واهية، كان من الممكن تلافيها ومعالجتها، فالوقاية دائمًا وأبدًا خير من العلاج.

اليوم باتت الأسرة تتعرض لعوامل حارقة وتيارات جارفة أثرت عليها.. هناك الانفتاح العالمي على الثقافات الذي جعل المرأة الشرقية تتأثر بالمرأة الغربية مع تناسي اختلاف البيئات والثقافات.

هناك دور النسويات السيئ، حيث تعمل النسوية على تزهيد المرأة في الرجل، سواءً كان أبًا أو زوجًا، ويعمل الفكر النسوي على تحريض المرأة على حياتها الطبيعية وطاعتها للرجل وتصوير الطاعة بالعبودية.. زد على ذلك إفرازات الإعلام الجديد التي حوَّلت حياتنا إلى حياة (مادية) بحتة لا مكان فيها للروح والمشاعر والإنسانية.

هذه العوامل وغيرها تصدع بيان الأسرة، وتحتاج إلى مواجهة علمية وعملية تتلخص في تثقيف الزوجين وكل ما من شأنه أن يحافظ على استقرار الأسر وبناء وعيها بالمستقبل وتدريبها على تحمُّل المسؤولية وأعباء الواقع، فالأسرة نواة المجتمع، وبناؤها يقوّي المجتمعات وينهض بالأمم.

* قفلة:قال أبو البندري «غفر الله له»:

(الأسرة).. كنز لا يفنى وذهب لا يصدأ.

ولكم تحياتي..