كمال آل محسن

mohsen283@

تمثل فئة الشباب الشريحة الكبرى في مجتمعنا، ولهم ميزات فريدة، وسمات متنوعة، وسقف مفتوح من الطموحات التي لا تنتهي، ومضمار رحب للتنافس، ومعين لا ينضب من الأفكار، والتي لو وجدت الدعم المناسب لها، فإنها ستتحول إلى واقع حقيقي في صورة مشاريع حية صغيرة وكبيرة وجبارة وغير مسبوقة، وربما تتخطى المحلية لتنتقل بخطوات راسخة إلى العالمية. لم لا ونحن نرى أن فكرة صغيرة قد بزغت هنا أو إبداعا قد أضاء هناك، ثم ما لبث أن أصبح حديث الناس والقنوات الإعلامية في شتى أرجاء المعمورة.

طاقات تنتظر من يوظفها ويهيئ لها الأرضية الخصبة المناسبة، ويسخر لها الإمكانات المادية، ويقدم لها بعض الخبرات العملية المعينة، كي تنطلق في عالم مليء بالفرص والتحديات في آن واحد، وتحلق في سماء النجاحات في مختلف جوانبها، هم فئة تحتاج إلى فئة مشابهة لهم في الطموح والرغبة إلى النجاح، لكنها مختلفة عنهم في الاستطاعة، تلك الفئة المشابهة لهم هم رجال الأعمال.

إن رجال الأعمال فئة قادرة على الوقوف إلى جانب الشباب إن هم أرادوا ذلك، فتوظيف الطاقات وتسخير الإمكانات وتقديم الخبرات وغيرها من أدوات كانت معينة لهم في بداياتهم، وهي التي جعلت منهم على ما هم عليه الآن، فلم لا يمنحوها لفئة الشباب بما يحملون من أحلام وطموحات وجد واجتهاد، ويكون ذلك في إطار الشراكة المجتمعية بين الطرفين، والتي تعود على كليهما بالنفع والفائدة. الأموال التي يملكها رجال الأعمال عرضة لأن تقل قيمتها تبعا للتضخم الذي يزداد يوما بعد يوم، ولا حل لهم إلا باستثمار تلك الأموال، ومن قنوات الاستثمار هم تلك الفئة الطموحة من الشباب وليس كلهم.

إن عملية استحداث بند من بنود الشركات المملوكة لرجال الأعمال، ويكون مخصصا لفئة الشباب أمر لازم ومهم وحساس، ويشع منه نور التكافل الاجتماعي في أبهى صوره ومضامينه.

ولعلي هنا أوجه الخطاب أيضا لفئة الشباب، بأن يبرزوا أنفسهم وما يملكون من قدرات ومهارات وبرامج وإبداعات، كي يعرضوها على رجال الأعمال، فلا بد لهم من أن يفعلوا الجانب الدعائي لطرح ما لديهم من أفكار، وأن يحاولوا الالتقاء برجال الأعمال من خلال تنسيق مواعيد مسبقة معهم، على أن يكونوا مستعدين تمام الاستعداد لعرض ما لديهم، وأن يكون عرضهم مستوفيا لكافة جوانب الفكرة أو المشروع الخاص بهم، والذي بطبيعة الحال يخدم جانبا من جوانب المؤسسة أو الشركة التي سيقابلون فيها المسؤولين عنها، حتى يكون العرض جاذبا لهم وحتى تتحقق الفائدة التكاملية للطرفين، فيصبح رجال الأعمال وفئة الشباب في مكان واحد وفكر واحد وأهداف مشتركة، تحقق النجاح والربحية لهم جميعا.

إن إعطاء الفرص لفئة الشباب ودعم مشاريعهم من قبل رجال الأعمال موضوع يستحق التفكير الواعي في المستقبل، ويتناسب مع التطور الكبير في وطننا، حيث الرؤية عظيمة وجبارة وتتسع لذلك الأمر.

إننا لو استعرضنا نماذج لشباب برزوا ونجحوا بأفكارهم سواء على مستوى الوطن أو غيره، فستكون الصفحات تلو الصفحات عناوين لهم، وتفاصيل لإنجازاتهم وأفكارهم ومشاريعهم.

فئة الشباب تحتاج إلى دعم وعطاء، ولا نريد أن نحدد نوعية العطاء والدعم أو أن نحجمه، بل نتركه مفتوحا في فضائه الرحب، ولكن نقول بأنه لو تبنى كل رجل أعمال بصورة سنوية فكرة واحدة بارقة لشاب واحد، وتم تنفيذها على أرض الواقع، فكم سيكون عدد الشباب الذين سيتم توظيفهم؟ وكم سيصل عدد الأسر التي ستستفيد من ذلك؟ وماذا لو وسعنا الدائرة بتبني أفكار أكثر؟! أظن بأننا لن نجد شابا دون عمل.

إن حديثنا عن دعم رجال الأعمال لفئة الشباب لا يعني بتاتا أن كلهم لا يفعلون ذلك، فهناك البعض منهم يقومون بذلك وربما أكثر، ولكننا نريد أن تكون العملية أوسع وأكبر، وأن تكون مقننة ومدروسة وبواقع عملي واضح، يتضمن برنامجا محددا في أفكاره وأهدافه وآلية عمله ونتائجه المتوقعة.

إن ما يؤلم حقا هو أن نجد لكثير من فئة الشباب أفكارا تتسم بالأصالة والجدة والإبداع وربما يكون لها دور وحظوة على مستوى الوطن إن تم تبنيها ودعمها وتنفيذها، ثم لا تجد لها داعما ومشجعا ومحفزا بالمال والإمكانات.

شبابنا الطموح ثروة غالية ونفيسة ينبغي الإفادة منها على جميع المستويات وعلى كافة الصعد، حتى يكونوا عنصرا فاعلا في بناء الوطن ونهضته وازدهاره.