سالم اليامي يكتب:salemalyami @

يتذكر كثير من الناس في الزمن الماضي، أو الزمن الجميل، كما يحلو للبعض تسميته، عندما كان الناس يعيشون على نافذة واحدة للترفيه، والتسلية، والتثقيف، أي القناة التلفزيونية الرسمية التي كانوا يتابعون كل موادها، أو أغلبها بشغف، وحب، وحماس. المسلسل المسائي كان عادة أسرية، اجتماعية يتابعه الناس كل مساء، ويذهب البعض إلى فراشه للنوم وهو يتخيل أو يتوقع أحداث الحلقة القادمة التي سيشاهدها في اليوم التالي. فقرات كثيرة كانت جاذبة للناس، مثل مباريات كرة القدم، وأفلام السهرة، والمصارعة الحرة، ونشرات الأخبار، وغيرها من البرامج الاجتماعية، والثقافية، والدينية. المسلسلات البدوية كسبت شهرة واسعة بين الناس، في فترة زمنية انتعش سوقها، وأصبح الناس ينتهون من متابعة مسلسل بدوي ويستعدون لمتابعة آخر، الناس اليوم وربما فيما مضى منقسمون حول هذه النوعية من الأعمال الدرامية، فالبعض يرى أنها كانت تكرس قيما غير مألوفة مثل الثأر والاحتقار والانتقام، ومفاهيم الغزو والسلب، ووصفها بأنها أعمال بطولية، والبعض يرى أن المسلسلات البدوية كانت نافذة لتأصيل قيم الكرم، والشجاعة، والفروسية على سبيل المثال. البعض يقول اليوم إن تلك المسلسلات التي تعرف بالبدوية كانت تصمم لأهل الخليج، بمعنى أنها تكتب وتصور بما يناسب القيم السائدة في المجتمعات الخليجية، والتي تفضل سلطات البث التلفزيوني فيها عرض مسلسل بدوي خال من المشاهد غير المحببة، والتي قد تظهر شيئا من مفاتن الجسم عند السيدات خصوصاً. الغريب أن التلفزيونات العربية غير الخليجية لم تك تقبل على عرض تلك المسلسلات، وإن حدث وعرضت قناة تلفزيونية غير خليجية مسلسلاً بدوياً فإن بعض الأشقاء العرب يعتقدون أنهم يشاهدون الحياة في منطقة الخليج، وأكثر من ذلك يعتقدون أن طريقة الكلام في تلك المسلسلات هو كلام، أو لهجات خليجية. الغريب والحديث يدور في فضاء المسلسلات أن أحداً لم يرصد لنا كمية المسلسلات التلفزيونية التي تابعها الناس في المنطقة بعد موجة المسلسلات البدوية، وأعتقد أن مراحل معينة شهدت طفرات في بعض المسلسلات منها التركية، والمكسيكية، والكورية، والصينية، وغلب على هذه المسلسلات الطابع الرومانسي، وتصوير أجمل ما في تلك الدول من أشخاص، وأماكن وعادات، وتقديمها بشكل ترويجي مستفز أحياناً. المفيد أن موجة تلك المسلسلات وأعني بها المسلسلات البدوية انتهت، وانتهت عادة متابعة المسلسلات عموماً، مع تعدد وسائل الترفيه والاتصال، وبقيت بعض الصور المغلوطة إلى اليوم عن أهل الخليج لدى البعض من الأشقاء العرب.