وجّهت دعوة كريمة من إحدى جمعيات المتقاعدين لإقامة دورات تدريبية قصيرة الفترة، فسألتهم عن عدد الحضور المتوقع مشاركاتهم، فأفادونى بأن الحضور للأسف عدد قليل يُعدُّ على الأصابع. لذلك جاءتني فكرة كتابة هذا المقال في موضوع التعلم. الكثير من الناس ينظرون إلى التعليم على أنه حدث وليس عملية مستمرة، وأنها مرحلة من مراحل الحياة، وليست أسلوبًا للحياة، ولا يختلف اثنان على أن التعلم من الأمور التي تشغل بالنا جميعًا سواء الأفراد أو الآباء أو الأمهات.
التعلُّم لا يتوقف مع تقدّم العمر، يدخل في حياة الإنسان، واهتمامات وموضوعات جديدة، وبالتالي سوف تحتاج إلى التعلم، وكثيرون من الناس يربطون بين التعلم بالوقت الذي يقضونه في المدارس والجامعات، يعتقدون أن التعلم نشاط ينتهي إلى وقت معيّن، وبالتالي بعد تخرجهم ينتهي التعلم ثم يستخدمون ما تعلّموه في الحصول على الوظيفة أو العمل.
إن الأشخاص الناجحين هم دائمو السعي للتعلم وليس هناك عمر معيّن تتوقف عنده عملية التعلم، يقال إن العلّامة كاتو الروماني بدأ دراسة اللغة الإغريقية بعدما تجاوز عمره الثمانين، وعندما سأل: لماذا يدخل في موضوع تعلّم اللغة في هذه السن المتأخرة فرد قائلًا: إنها أول مرحلة عمرية متاحة لي الآن، والكثيرون من الناس ينظرون إلى التعليم على أنه حدث وليس عملية مستمرة. والتعلم نشاط يجب ألا يرتبط بالعمر، لا يهم إن كنت تخطّيت الثمانين من عمرك، المهم وجود الدافع لدى الإنسان يحرك الإنسان على التفكير، وإشباع لهذه الدوافع فلا تعلم بدون دوافع، والاستعداد للتعلم، وعدم وجود الدافع يقلل من مستوى التعلم أفضل مما تكتسبه النفوس، وتحصّله القلوب، وتنير به العقول، وتعمر به الأوقات ينال الإنسان الرفعة؛ لأن التعلم هو حياة القلوب، وضياء العقول، ونور البصائر، لا توجد أي ديانة في تاريخ البشرية لا تحث على العلم والتعلم، فالتعلم أقدم المهن في تاريخ البشرية، حيث قال الله تعالى في قرآنه (وعلّم آدم الأسماء كلها). وأن عالمنا العربي لا يتجاوز مَن يقرؤون ويعتبرون عملية التعلم مستمرة بنسبة لا تكاد تُذكر، فإذا سألت مائة شخص عن عدد الكتب التي قرؤوها منذ إتمام دراساتهم الثانوية أو الجامعية فإن عددًا قليلًا يعدون على أصابع اليد الذين قرؤوا كتابًا أو كتابين أو يحضرون دورات أو ندوات أو دروسًا، معظم الناس يحتفلون عند استلام شهاداتهم الدراسية وكل ما يريده البحث عن الوظيفة
أو فرصة للعمل.
ومن الأسباب التي تعيق عملية التعلم هي الكبرياء والغرور تؤدي إلى فشل التعلم، إذا أحببت أن تزيد من مهاراتك ومواهبك وقدراتك فعليك أن تصبح قابلًا للتعلم واكتساب مهارة أن يتعلم كيف يتعلم.. علينا أن نبدأ في التعلم، ولا يهم العمر، وتجعل العمر عائقًا أمامك أول خطة التهيئة النفسية، بعدها تأتي خطوة الاستماع والإنصات للآخرين، وهنا يصبح الإنسان مستمعًا جيدًا يساعده ذلك على معرفة الناس، ويتعلم منهم ما سبق أن تعلموه، فحافظ على الاستماع، وعلى تواضعك.
ABUAZZAM888@LIVE.COM