وليد الأحمد يكتب:

- لماذا النزعة نحو وجبات الترفيه السريع ذات الإثارة junk entertainment تزداد على حساب النزعة للمعرفة والتواصل بين الناس؟ هذا السؤال أرسله لي الصديق الأرامكوي الأستاذ فؤاد الذرمان، مدير مركز «إثراء» سابقًا، في تعقيب منه على مقالة الأسبوع الماضي عن تزايد الاتجاه عالميًّا في شبكات التواصل الاجتماعي لصالح التطبيقات المليئة بالمرح، مثل تيك توك، على حساب الجيل الأول فيسبوك وأخواتها.

- الأكيد أن السؤال أعلاه عميق، والإجابة عنه ليست سهلة، لكن محاولة فهم المشهد لا يمكن فصلها عن تأثيرات ما بعد عصر الإنترنت وما بعد عصر التقنيات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي. الأمريكي هينري كيسنجر في كتابه الأخير القيادة، نبَّه إلى أن جيل ما بعد الإنترنت يبدو أقل ذكاءً ونهمًا للعلم؛ لأن الإنترنت يسهل الحصول على المعرفة، وبالتالي يقلل فرص صناعة جيل من القادة العظماء. الفيلسوف الألماني المعاصر هرمورت روزا فسَّر المشهد بـ «التسارع» الاجتماعي والثقافي في تقرير نشرته «الشرق الأوسط» نقلًا عن صحيفة «سلات» في طبعتها الفرنسية، وهو اعتبر أن الإنسان المعاصر «يعيش زمنًا لاهثًا قلقًا متسارعًا تتجلّى انعكاساته في الثقافة وفي كل الميادين، فقد أصبحنا نميل بوضوح إلى تناول الطعام بشكل أسرع، والتواصل مع أفراد الأسرة بوتيرة أخفّ ممّا كان عليه أسلافنا».

- هذا ينسجم مع دراسة للمعهد الوطني الفرنسي للكتاب (سي إن إل) عن ظاهرة تراجع «القراءة العميقة»، وهي فقد القدرة على القراءة المتواصلة البطيئة التي تعتمد في المقام الأول على التمعن في المعاني والكلمات المكتوبة. فحسب نفس الدراسة 47 في المائة من الفرنسيين أجابوا بأنهم عاجزون عن القراءة بطريقة متواصلة تفوق العشر الدقائق.

- لا أظنني أجبت عن سؤال الذرمان الذي تحتاج الإجابة عنه إلى دراسة معمقة، لكن ما أعرفه أن الحميمية في سلوك الإنسان واتصالاته تقل، كلما ازداد تطورًا وتقدمًا في التقنية ومنتجاتها.

@woahmed1