اليوم - الدمام

لا تلعب في الطين.. جملة سمعها الكثير من الأطفال بألسنة الآباء والأمهات، لكن مع صعود التمدن وجاذبية ألعاب الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الاتصال بالطبيعة أكثر ندرة، ما دفع الخبراء للنصح بالقليل من اللعب في الوحل.

وفقًا لبحث حديث، تناوله تقرير بموقع بي بي سي، فإن الأوساخ بالخارج تتعاون مع الكائنات الحية الدقيقة الصديقة التي يمكنها تدريب جهاز المناعة والتعامل بمرونة مع مجموعة من الأمراض، بما في ذلك الحساسية والربو وحتى الاكتئاب والقلق.

تُظهر هذه النتائج أن التمارين في الهواء الطلق ليست مفيدة فقط بسبب فرصة التجول بحرية ولكن بعض المواد الطبيعية مثل التربة والطين، تحتوي أيضًا على كائنات دقيقة قوية تأثيرها إيجابي على صحة الأطفال.

الغابات أفضل نفسيا من الشوارع

عديد من الفوائد النفسية للعب في الهواء الطلق راسخة بالفعل، إذ تطورت الأدمغة مع المناظر الطبيعية، والأنظمة الإدراكية مناسبة بشكل خاص للمساحات الخارجية البرية.

بحسب التقرير، وجدت دراسة من عام 2009 أن الأطفال الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) كانوا أكثر قدرة على التركيز بعد المشي لمدة 20 دقيقة في الحديقة، مقارنة بالمشي لمدة 20 دقيقة في شوارع حضرية.

وأوصى المؤلفون باستخدام ما أسموه بـ جرعات الطبيعة كطريقة آمنة ويمكن الوصول إليها لدعم الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، جنبًا إلى جنب مع أدوات أخرى.

العلاج بالرمال

وقال فرانشيسكو فيترانو، اختصاصي الأمراض النفسية والعصبية للأطفال والمعالج النفسي والمحاضر في جامعة باليرمو بإيطاليا، إلى جانب هذه التأثيرات التصالحية، يمكن أن يوفر اللعب في الهواء الطلق خبرات تعليمية قيمة، على سبيل المثال، يمكن أن تساعد عملية عجن المواد مثل الطين أو الرمل الأطفال على تطوير الطريقة التي تتفاعل بها حواسهم وحركاتهم وهو ما يُعرف بالتطور الحسي.

وأكمل: قد تساعد مثل هذه الأنشطة بعيدًا عن المنزل أو الفصل الدراسي الأطفال على إيجاد طرق للتعامل مع المشاعر التي قد يكون من الصعب استكشافها في بيئات أخرى، ويمكن الاستعانة بما يسمى بالعلاج بالرمال، والذي يتضمن استخدام التماثيل الرملية والمصغرة للتعبير عن أفكار المرء ومشاعره، هو شكل مقبول من الاستشارة للأطفال الذين يكافحون للتعبير عن حالتهم العاطفية.

عندما يتعلق الأمر بصحة الطفل الجسدية ، قد يكون التمرين هو الميزة الأكثر وضوحًا للعب في الهواء الطلق، إذ قد يجد الطفل أنه من الأسهل بناء القوة والقدرة على التحمل في مساحة مفتوحة كبيرة مما يؤدي إلى انخفاض خطر الإصابة بالسمنة، وفقًا لإحدى الدراسات التي قادتها إليزابيث جيرشوف، أستاذة التنمية البشرية وعلوم الأسرة في جامعة تكساس في أوستن بالولايات المتحدة.

العلاج بالرمال يساعد الأطفال على التعبير عن مشاعرهم - مشاع إبداعي

كثير من العلماء الآن يكرهون مصطلح فرضية النظافة التي تم افتراضها لأول مرة في أواخر الثمانينيات، حيث بدا أنه يقلل السلوكيات المهمة مثل غسل اليدين، وهم يرفضون فكرة أن العدوى في حد ذاتها مفيدة للأطفال.

يقول كريستوفر لوري، أستاذ علم وظائف الأعضاء التكاملي في جامعة كولورادو، بولدر، الولايات المتحدة: لقد كانت مشكلة كبيرة من منظور الصحة العامة.

ويعتقد لوري أن الكائنات الحية غير المعدية تدرّب الجهاز المناعي على تخفيف نشاطه، بدلًا من المبالغة في رد الفعل تجاه أي ميكروب غازي محتمل للجسد.

ويكمل: الأهم من ذلك، أن أجسادنا تلتقي بتلك الكائنات الدقيقة عندما نقضي وقتًا في الطبيعة، ومع زيادة التوسع الحضري، وانخفاض اللعب في الهواء الطلق ، يفتقر العديد من الأطفال الآن إلى هذا التعرض مما يعني أن أجهزتهم المناعية أكثر حساسية تجاه أي تهديد.

اللعب مع الحشرات

والأمر الأكثر إثارة للدهشة، بحسب التقرير، هو أن الحشرات غير الضارة من الطبيعة يمكنها أن تلطف استجابة الجسم للتوتر، عندما نشعر بالضعف والتهديد، يبدأ الجهاز المناعي في إثارة الالتهابات الجسدية، نظرًا لأن الالتهاب هي إحدى الدفاعات الأولى ضد العدوى، فقد تطورت هذه الاستجابة كطريقة لإعداد الجسم لإصابة جسدية محتملة من التهديد الذي كنا نواجهه، ولكنه أقل فائدة لأنواع الضغوط التي يواجهها معظم الناس اليوم.

الحشرات غير الضارة من الطبيعة يمكنها أن تلطف استجابة الجسم للتوتر - مشاع إبداعي