هند الشدي

الغضب انفعال تستثيره العواطف، يبعدنا عن الواقع ويخرج الإنسان من طوره، هو انفعال طبيعي لدى الإنسان، ولكن سرعان ما يتحول إلى داء يصعب التغلب عليه إن فقدت السيطرة.

نواجه في حياتنا مواقف تمتحن صبرنا وتستنفد قوانا بأكملها، فنجد أنفسنا إما غاضبين أو هاربين من تلك المشاكل، والغضب أسوأ من الهروب بمراحل فهو أكبر عدو للإنسان، يخرج أسوأ ما فيه، يجرده من إنسانيته، ويضع عقبات بينه وبين بقية البشر، يفقد الإنسان قدرته على التحمل والإمساك بزمام الأمور، يخسر الإنسان بغضبه أشخاصا لطالما رافقوه طوال حياته بسبب مواقف كهذه، ينسيه الغضب لذة السيطرة على الانفعالات والتغلب على الصعاب، ويصبح آلة يقودها الغضب وتبرمجه على اتجاهات لا تقوده إلا للهاوية، يخسر الإنسان بذلك أقرب الناس له، يضع بينهم وبينه مسافات لا تقاس جغرافيا ولا تحسب، تجعلهم يهابونه ولا يلجؤون إليه حتى في الشدائد، خشية عدوهم الأول والأقوى غضبه، واستشهادا على ما ذكرت فلا أنسى وصية وحديث حبيبنا ورسولنا ﷺ بقوله: (لا تغضب) والتي رددها مرارا.

إن الغضب قد يستهان به ويتساهل به العديد من الأشخاص، فيكبرون ويكبر الغضب معهم، ويصبح ظلهم ورفيق دربهم الذي يخرج منهم في المواقف الصعبة، ولكن ما ينساه الكثير من الناس هو أن المداومة على الغضب تؤثر حتى على بقية الانفعالات والمشاعر، يترأسهم ويكون في المقدمة دائما، وينسى الإنسان مع الأيام كيفية القدرة على الموازنة بين بقية مشاعره وأحاسيسه، حتى أنه يبدو في غالب الأحيان غاضبا وإن لم يكن كذلك فهذا ما عودته عليه نفسه، والنفس تنشأ على ما تعودها.