Khaled_Bn_Moh @خالد الشنيبر

الإصلاحات الطموحة التي قامت بها المملكة العربية السعودية، وفق مستهدفات برامج ومبادرات رؤية المملكة ٢٠٣٠، لعبت دورا رئيسيا في ترقية الاقتصاد السعودي، وتحسين العديد من المؤشرات الاقتصادية، وتبنت وزارة الموارد البشرية كثيراً من الإصلاحات الهادفة إلى تحسين سمعة سوق العمل، ومعالجة التشوهات العديدة التي عانى منها خلال السنوات السابقة، وأدى ذلك إلى تحسين ترتيب المملكة في الكثير من المؤشرات الدولية المتعلقة في أسواق العمل.

هناك مصطلح مهم في علم إدارة الموارد البشرية، أتمنى أن يتم تخصيص مبادرة سعودية خاصة به في سوق العمل، وهو مصطلح إدارة الموارد البشرية الخضراء (Green Human Resources Management)، والذي يشمل تحديث سياسات جميع ممارسات الموارد البشرية التقليدية، بما يتعلق بالإدارة البيئية، على سبيل المثال تحديث ممارسات التوظيف إلى التوظيف الأخضر، والتدريب والتطوير إلى التدريب والتطوير الأخضر، وهذا ينطبق على باقي الممارسات كالتعويضات والتدريب.

يشير هذا المصطلح إلى مساهمة سياسات وممارسات إدارة الموارد البشرية في الحفاظ على البيئة، وذلك من خلال تحديد اتجاهات ومساهمة المؤسسات والشركات في حماية الموارد الطبيعية والمحافظة عليها، وبمعنى أوسع تبني سياسات وممارسات خاصة تشجع المبادرات الخضراء من خلال زيادة وعي الموظفين والتزامهم بقضايا البيئة المستدامة.

لتوضيح هذه المبادرة بشكل مبسط، إحدى الممارسات التي تندرج تحت مبادرة إدارة الموارد البشرية الخضراء، هي ممارسة التوظيف الأخضر، ومن خلال تلك الممارسة تلتزم المؤسسات والشركات بالمحافظة على البيئة، من خلال اعتماد أسلوب التوظيف الافتراضي، وذلك لتقليل إجراءات التنقل والسفر بهدف تقليل الازدحام وانخفاض استهلاك الطاقة، وإضافة لذلك تدعم تلك المؤسسات والشركات الأبعاد البيئية في جميع الوظائف، من خلال تضمينها في الأوصاف الوظيفية، حتى يكون هناك فهم أكبر لثقافة المنظمة الخضراء وتعزيز القيم البيئية.

تكمن أهمية إدارة الموارد البشرية الخضراء، في تعزيز التوجهات العالمية لبرامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة العمل الدولية، لزيادة فرص الانتقال العادل إلى اقتصاد أخضر، ومن الصعب تطبيق مثل هذه المبادرة بدون وجود تعاون مع الموظفين وتثقيفهم بأهميتها على المنشأة والبيئة بشكل عام، ولا يمنع ذلك من ربط حوافز لتعزيز تطبيق هذه المبادرة.

الإدارة الخضراء لا تقتصر على إدارة الموارد البشرية فقط، ويمكن تعميمها على جميع الإدارات لتطبيق إستراتيجية بيئية خضراء داخلية، منها على سبيل المثال إدارة التسويق الخضراء، وإدارة سلسلة الإمدادات الخضراء، ودور إدارة الموارد البشرية هنا نجده في تجهيز الموظفين لتطبيق هذه الإستراتيجية، من خلال تعزيز سلوك المواطنة البيئية لديهم.

من خلال تطبيق تلك المبادرة، ستجني المؤسسات والشركات العديد من المزايا من أهمها تخفيض الأثر البيئي لها، والذي له انعكاس على الإنتاجية والعوائد، وأيضاً يساهم ذلك في تسويق المؤسسات والشركات لسمعتها، وتحسين صورتها الذهنية في سوق العمل، وتلك المزايا سيكون لها انعكاس إيجابي بشكل كبير على الاقتصاد والبيئة في المملكة.

ختاما؛ ما أتمناه وتشجيعاً لتطبيق هذه المبادرة في سوق العمل بالمملكة هو وجود تصنيف يسمى بـ «شراكة بيئية» كاشتراط لأي تعاقد بين القطاع الخاص والعام في أي مشروع يندرج تحت رؤية المملكة، مما يعزز ذلك من اتساع تطبيق هذه المبادرة بشكل ينعكس ايجابيا على الاقتصاد والبيئة في المملكة.