@DrAlghamdiMH
- لم أستوعب إحالة علماء الجامعات إلى التقاعد. يتم تفويجهم سنويا إلى التقاعد، أعتذر لعجزي عن قنص عبارة صحيحة تصف وظيفة هذا الدور لعقول اجتازت مراحل التدريب وفق معايير من جامعات عالمية، عقول مؤهلة علميا على تشخيص المشاكل، وتحديد الاحتياجات، وتحقيق التجديد والتطوير والابتكار.
- يدخل المتقاعد نفق حياة الانتظار. تحمل متاهات تمثل الشتات والصراع. تم عزلنا عن مسار الإنتاجية. نرى أنفسنا أمام خيار واحد لا يتجدد أو يتغير. مجال معطيات حياة التقاعد يحمل رسالة، عنوانها (التوديع). أي عمل بعد ذلك هدفه تضييع الوقت، ورفض السكون القسري. هنا تتجلى صراعات الخيارات لتزيد من ضغوط الحياة العمياء. يصبح المتقاعد في سباق مع الوهن والمرض نحو النهاية. تأتي سلسلة الخيارات تستعرض نفسها أمامه. يختار الرقصة التي تناسبه وفقا لضربة الحظ ومعاييره.
- وأستكمل الحديث عن عقول اجتازت خطوط التحدي. تعلقت بقطار زراعة المتقاعدين. أتساءل: هل من جيل جديد يستطيع الاعتماد على تلك الزراعة التقاعدية؟ هناك أسئلة أخرى تطفو مع نتائج صراع التقاعد. أسئلة نطرحها أمام الجميع. خاصة وزارة البيئة والمياه والزراعة المسؤولة عن هذه القطاعات الثلاثة. تحمل مفاهيم اجتماعية سائدة، نسأل: هل هناك إستراتيجية تقدم إجابات علمية بعيدًا عن الاجتهادات؟
- زرت بعد التقاعد مزرعة (اجتهادية) لأشجار مثمرة في منطقة الباحة. تساءلت: أي هدف، وهمة، وطموح، وأمل جعل صاحبها ينحت الجبال نحتا؟ أي أموال طائلة بذلها هذا المتقاعد؟ أي جهد ووقت قدمه؟ ألم يكن من الأفضل والأجدر استثمار الأموال والجهد في مشاريع اقتصادية، أكثر أهمية حتى لأبنائه وأحفاده؟ أغلقت باب التساؤلات. وجدت نفسي أسلك دربه بثقة متقاعد يتحدى نفسه بشكل أعمى. يتلمس الدرب الصحيح في ظل تعدد الدروب. جميعها خارج حسابات الصواب. هل نقوم بتوريث حماس الخسائر المادية؟ هل نقوم بتوريث حرق الأموال على زراعات مصيرها الموت لكثرة متطلباتها؟ هل يمكن للأجيال القادمة الوفاء بها في ظل عدم جدواها الاقتصادية وبُعدهم عنها؟
- بحثت عن دوافع وأسباب تجعلنا نحرق أموالنا، ونبدد جهدنا ونحن نضحك سعداء. لم أجد الإجابة العلمية الناتجة عن البحث العلمي. هذا قاد إلى الاستنتاج بأهمية استثمار العقول العلمية المتقاعدة في حل معضلات ترتقي لتكون عوائق ومشاكل. فوجدت من واجبي إسداء النصيحة، لكم أنتم الذين ما زلتم في السباق نحو التقاعد.
- أنصح بالتخطيط مبكرا لحياة ما بعد التقاعد. أكررها ألف مرة. اعملوا وأنتم شباب لتحديد كيفية الحياة التي ترغبونها بعد التقاعد. لا تنتظر أن تصل للتقاعد لتبدأ التفكير. عزز راتبك التقاعدي -مبكرا- بدخل آخر يحقق الحياة الكريمة في ظل المتغيرات ومتطلباتها. حدد كيف تقضي وقتك وتستثمره وفق الجدوى الاقتصادية، تأكد أن يكون مكسبا للورثة وليس حملا عليهم، هم في غنى عن المزيد من أحمال مسؤوليات يعيشونها.
- قد يسأل البعض ماذا عن وضعي الشخصي مع حياة التقاعد؟ للأمانة وجدت راتبي التقاعدي غير كاف. بالنسبة للوقت، استثمرته في مجال التفكير، والتأليف، والتأمل، والمشي. بالنسبة لمدخراتي، أنفقتها لصيانة وتجديد ما ورثته من تراث زراعي ومعماري. وتلك قاصمة الظهر. هنا أنصح بتجنب الدخول في عمل لم تستطع تحقيقه قبل التقاعد. توقف. توقف. كل طموحات المتقاعد خسارة. ما لم تخضع لرؤية وإستراتيجية وتخطيط وبرامج واضحة مبكرا. أقصد قبل التقاعد بمراحل، على أن تحقق الاستدامة حتى في ظل غيابك الأبدي.