نحاول من خلال هذا المقال أن نوضح الإجابة عن تساؤل هام حول تعلم التفاؤل، وهل نحن متفائلون بالفطرة أم أنه توجد سلوكيات مكتسبة إذا مشينا على دربها نتعلم التفاؤل؟
وبعبارة أخرى كيف لنا أن نرى الجوانب المشرقة في الحياة الإنسانية وذلك لأننا أصبحنا في أمسّ الحاجة إلى إلقاء الضوء على ينابيع التفاؤل، للارتواء منها في زمن بدأت تتسرب إلى نفوس أصحابه الهزيمة النفسية وجعلت الكثير ينظر إلى الحياة بنظرات سوداوية متشائمة، وإذا نظرنا إلى الشخصية المتفائلة نجدها تختلف عن غيرها من الشخصيات في نظرتها للأمور والأحداث لأن توقعاتها إيجابية تميل إلى إظهار مشاعر متفائلة تنظر بمنظور إيجابي للحياة المستقبلية بحماس وإثارة تجعلها تتوقع حدوث الخير وتقيس النجاح بمقياس التفاؤل وخطوات النجاح لديها مهما كانت صغيرة فإنها بتفاؤلها تعمل على زيادة مساحتها وتفتح بابا مشرقا يؤدي إلى مزيد من النجاحات والرؤى الإيجابية. إن التفاؤل يمكن تعلمه لأننا لسنا متفائلين بالفطرة ومن أفضل الطرق لتعلم التفاؤل هو التدريب والبحث عن أفكار جديدة والمبادرات التي تعمل على القضاء على أي معوقات تسيطر على نفسية الأفراد والعمل على إيجاد الحلول الممكنة لحل المشكلات بمقومات المجابهة والوقوف على التقبل الواقعي للمشكلة من خلال آليات التركيز على الحلول بتوازن وثبات لا يسمح لمصيبة أن تأخذنا لليأس أو الإحباط. كذلك نجد أن مصاحبة المتفائلين والبُعد عن المشاعر السلبية لهما دور كبير في نشر التفاؤل وتمتع صاحبه بالمشاعر الإيجابية التي تنعكس على حياته بالإيجاب وتجعله ينطلق في جنبات الحياة بكل سرور وأريحية. وتشير منظمة الصحة النفسية إلى أن التفاؤل هو عملية نفسية إرادية مكتسبة تولد أفكارا ومشاعر للرضا والتحمّل والثقة العالية بالنفس وبالوقت نفسه تبعد عن الفرد حالات اليأس والعجز فالشخص المتفائل يفسر مشكلاته ويبعث في النفس نوعًا من الطمأنينة. ويُعد التفاؤل من أجمل الصفات التي ترتبط ارتباطا إيجابيا بالصحة النفسية والجسمية للفرد وكلما زاد مقدار التفاؤل زادت السعادة والبهجة والشعور بالجوانب المشرقة التي تبعث الشعور بالسكينة والطمأنينة. وهناك ارتباط وثيق بين التفاؤل وتقدير الذات والانبساط وتحقيق السعادة.. فالمتفائلون هم أقدر الناس على تحقيق سعادتهم؛ لأنهم يعلمون جيدا أن السعادة بأيديهم لا بأيدي غيرهم، وأن انشراح الصدر صناعة تعلموا فنونها وأدواتها، فالسعادة والإيجابية والتغلب على الضغوط بنجاح والقدرة على توظيف القدرات والإمكانيات إلى أقصى درجة ممكنة سمة من سماتهم وعلامة بارزة على توظيف مهاراتهم. وبمفهوم المخالفة نستطيع أن نقول إن التشاؤم يمنع الإنسان من النهوض والارتقاء في شتى مجالات الحياة والنظرة إلى الأحداث بصورة سلبية تؤدي في كثير من الحالات إلى الخروج من جوانب السعادة والدخول في دائرة الأحزان والهموم وعدم الرضا عن الحياة حيث إن التشاؤم يرتبط بدرجة كبيرة بأعراض الاكتئاب. وإذا تكلمنا عن تحقيق الأهداف والغايات نجد أن المتفائلين لديهم طموحات وأحلام يصرون على تحقيقها بإصرار وعزم كبير لا يعرف التواني، مما يؤدي بهم إلى بناء جسور من الثقة والمواجهة ضد الضغوط التي تواجههم من خلال السعي الحثيث والمشي بخطى ثابتة رافعين شعار التفاؤل حتى يصلوا في نهاية الطريق إلى تحقيق الأهداف، أهدافهم المأمولة وغاياتهم المنشودة.
وخلاصة القول: نستطيع أن نقول إن تعلم التفاؤل يعمل على توازن سلوكيات وأفعال المجتمع، ويفتح المزيد من الجوانب المشرقة في حياتنا ويعطينا السعادة والإيجابية لنتخلص من ضغوط الحياة التي تعصف بنا بين فترة وأخرى وهو من أبرز صفات النجاح ومقياس لتقدم الشعوب التي تريد أن تنهض من غفوتها وتحقق أمانيها.