د. شلاش الضبعان يكتب:

أعتقد أن من أكثر ما يثير المشاكل في البيوت هذه الفترة ميزانية البيت!

فالاحتياجات تتزايد، وبالتالي الطلبات تتزايد، والميزانية محدودة، ومن ثمّ تتزايد المشاكل عند من لا يحسن التصرف ولا يدرك الفرق بين الاحتياج الحقيقي وما ليس باحتياج، أو يُدخل نفسه في مقارنات، فيسمع من الأصدقاء ميزانيات بيوتهم وفواتيرهم ويطلب من أهله أن يكونوا مثلهم رغم أن عدد الأفراد ليس واحداً، ولا أعمارهم واحدة، ولا ظروفهم واحدة.

يجب أن يدرس كل إنسان واقعه ودخله، ويحدد مصاريفه -بتعاون أفراد الأسرة- بناءً على ذلك، فيبتعد هو وزوجته عن الإسراف، ولا يقع في البخل، ولا يكون غاضباً على الدوام بسبب الطلبات، فالبيت له احتياجاته وما طلبوك إلا لأنهم محتاجون، ولذلك فإن لم يكن الراتب يكفي فالمشروع الإضافي حلا، وتحويل الأبناء إلى منتجين حل آخر، وتظل المسؤولية على الأب كبيرة والرازق هو الله جل جلاله.

خوف بعض الآباء ومبالغتهم التي توصل البعض إلى حد البخل ذكرتني بقصة ذكرها الجاحظ في كتابه البخلاء، عن رجل بلغ في البخل غايته، فكان إذا صار في يده الدرهم، خاطبه: كم من أرض قد قطعت، وكم من كيس قد فارقت، وكم من خامل رفعت، ومن رفيع قد أخملت، لك عندي أن لا تعرى ولا تضحى، ثم يلقيه في كيسه ويقول له: اسكن على اسم الله في مكان لا تهان ولا تذلّ ولا تزعج منه. وأنه لم يدخل فيه درهما قط فأخرجه.، وفي يوم ألح عليه أهله في شراء حاجة فأخذ درهماً واحداً وخرج فوجد حوّاء يحمل حية يلاعبها مقابل درهم، فقال: اتلف شيئا تبذل فيه النفس، بأكلة أو شربة، والله ما هذا إلا موعظة لي من الله، فرجع ورد الدرهم إلى كيسه، لما مات جاء ابنه ما كان أدم أبي؟ فإن أكثر الفساد إنما يكون في الإدام. قالوا: كان يتأدّم بجبنة عنده، فلما رأى الجبنة وجد فيها حزّ كالجدول من أثر مسح اللقمة، فاستنكر الولد وقيل له: فأنت كيف تريد أن تصنع؟ قال: أضعها من بعيد، فأشير إليها باللقمة.

لا يجب أن نكون كصاحب الجبنة ولا كوالده، وأيضاً لا يجب أن نجعل بيوتنا تسير بلا ميزانية، وعلينا أن نحمد الله دوماً أن الرزق بيد الرازق، وهو الرحمن الرحيم بخلقه.

@shlash2020