شدَّد مختصون على أهمية المباني المدرسية، كعامل مؤثر من عوامل النجاح، وأن ملاءمتها وتجهيزها بكافة وسائل وسبل الراحة، سيكون لهما الأثر الإيجابي على العملية التعليمية.
وأوضحوا أن ذلك يتأتى من خلال مراعاة زيادة عدد ومساحات الفصول والمعامل والمرافق الرياضية والترفيهية، وكذلك المقاصف ودورات المياه، وأنظمة السلامة ومخارج الطوارئ، إضافة لتوفير نقاط خاصة للتجمع في حالات الإخلاء، وتدريب الطلاب والكادر التعليمي على تنفيذ فرضية الإخلاء حتى تصبح المدارس بحق بيئة تعليمية متكاملة وجاذبة.
أهمية المباني المدرسية في العملية التعليمية
وأضاف المختصون خلال «قضية الأسبوع»، أن كثافة الطلاب داخل الفصول لها دور مهم في قدرة الطلبة على استيعاب المادة الدراسية، والتفاعل مع المعلم بكل سهولة.
وذكر أستاذ هندسة وإدارة التشييد، قسم هندسة المباني في جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل د. عثمان الشمراني، أن من أهم خصائص المبنى المدرسي الجيد، أن يُلبي تصميمه المعماري متطلبات شاغليه لتوفير بيئة تعليمية جاذبة تضمن إنتاجية المعلم، واستيعاب الطالب للدروس.
وأضاف: كما يجب أن تراعي البيئة المدرسية احتياج الطالب والمعلم على حدٍّ سواء من الفصول والمكاتب والمعامل والمرافق الرياضية والترفيهية، سواء الداخلية والخارجية، وكذلك مرافق الخدمات من مقاصف ودورات مياه، ولذلك فإن أي تصميم معماري يقوم على معرفة أعداد المستخدمين للفراغ من أساتذة وطلبة وكوادر إدارية، وعلى أساسها تُحسب المساحة الإجمالية للفصول الدراسية.
وقال الشمراني: ما نراه من تكدّس الطلبة في بعض المدارس والفصول ينمّ عن عدم الدراسة الصحيحة للاحتياجات قبل الشروع في التصميم المعماري؛ مما ينتج عنه عدم الراحة والتركيز لشاغلي المبنى.
وذكر إنه يجب تصميم المدارس الحديثة وفق أعلى معايير الاستدامة التي تخلق بيئة صحية وتعليمية نوعية، وأن تراعى فيها رحابة الفصول، وتوفير التهوية اللازمة، وضبط درجات الحرارة داخلها، وفق معايير الراحة حتى لا يشعر الطالب بالبرودة الزائدة، ولا الحرارة المرتفعة التي قد تُفقده التركيز في استيعاب الدروس، ويمكن تحقيق ذلك باستخدام العزل الحراري الجيد للجدران والأسقف وفقًا لمتطلبات كود البناء السعودي وكذلك نظم التكييف المركزية التي تتحكم في جودة وتوزيع الهواء بشكل مدروس.
وأكد: أثبتت الدراسات أن المباني المريضة التي تفتقد معايير الاستدامة هي مَن تتسبب في عدم استيعاب الطالب للدروس بجانب إصابة الطالب بالأمراض، وانتقال الفيروسات والأوبئة وبالتالي التسبب في غياب بعض الطلبة؛ بسبب تلك الأمراض، علاوة على التأكد من مستوى الإضاءة داخل الفصول والاعتماد على الإضاءة الطبيعية بشكل رئيسي وموازنة الحاجة للإضاءة الصناعية بشكل مدروس.
وبين قائلًا: ومن ضمن المعايير التي يجب الالتزام بها أيضا الصوتيات، والتأكد من استخدام مواد البناء المناسبة للحد من انتقال الأصوات والإزعاج من الفصول الأخرى أو الفناء الداخلي أو الشوارع المحيطة؛ مما يضمن عدم تشتت تركيز الطالب.
وأشار إلى أهمية حساب الأحمال عند التصميم الإنشائي للمبنى باستخدام كود البناء السعودي؛ لضمان مقاومة الهيكل للأحمال الحية خصوصًا في الممرات والساحات والفصول والمعامل المحتوية على معدات وأجهزة ثقيلة.
التأثير السلبي لكثافة الطلبة في المدارس
ذكر الاختصاصي الاجتماعي يحيى عسيري، أن كثافة الطلبة داخل فصول المدرسة تؤثر سلبًا على الطالب والتحصيل الدراسي؛ لأن الكثافة الطلابية تقلل الاستيعاب ولا تعطي مجالًا للطالب للاستفسار، وكذلك كثافة الطلبة داخل المدرسة تعيق أداء أدوار المعلمين مع الطلاب؛ بسبب الضغط على المعلم من متابعة الطلاب، بحيث لا يعطي المعلم الوقت الكافي للاهتمام بالطالب.
وأضاف: اكتظاظ الفصول بالطلاب يوفر بيئة سلبية للطالب والمعلم بتشتت المعلم، وعدم قدرة الطالب للمناقشة، وعدم قدرة المعلم على متابعة جميع الطلاب من كثافة عددهم.
وأكد عسيري إنه عند الكثافة العددية في الفصول يكون التحصيل العلمي للطلاب سيئًا بسبب كثرة عدد الطلاب في الفصل وعدم الفهم من المادة العلمية؛ لأن المعلم لا يستوعب شرح الدرس، والإجابة عن أسئلة الطلبة ويؤثر على الطالب نفسيًّا.
وأوضح عسيري أن السلبيات من ناحية البيئة المدرسية كثيرة منها: قلة المعلمين، وفي بعض المدارس تكون المدرسة في منطقة مكتظة بالسكان فيكون العدد من الطلاب هائلًا وعدم وجود مواد ترفيهية للطالب وعدم وجود مختص طلاب في أكثر المدارس.
ومن الحلول لهذه السلبية أن يتم بناء أكثر من مدرسة في الحي المكتظ بالسكان أو أن يجعل الدوام على فترتين، فترة صباحية وفترة مسائية، ويقسّمون الطلاب إلى قسمَين مسائي وصباحي، وكذلك المعلمون يقسّمون على فترتين.
وأشار إلى الآثار الإيجابية لخفض كثافة الطلبة في الفصول ومنها التحصيل الممتاز، وتسهيل التواصل بين المعلم والطالب.
مشكلات التحصيل الدراسي
أوضح المرشد الطلابي سابقًا، جعفر العيد، أن كثافة الطلاب داخل فصول المدرسة تؤثر على التحصيل الدراسي الذي يعتمد على عمر المتعلم، والمادة، والطريقة والمدة، فالكبار يستطيعون التركيز بشكل أكبر لفترة أطول، بطريقة أسلوب المحاضرة، ووجود العدد الكثير من الطلاب لا يؤثر على مستواهم.
وأكمل: بينما الطلاب صغار السن يحتاجون أعدادًا أقل وتركيزًا قصير المدة يتخلله الكثير من اللعب والمرح والضحك أكثر في حصة الدرس وبشكل عام، فإن العدد الأمثل من الطلاب في الفصل الواحد يتراوح بين 20 إلى 25 طالبًا، وكلما زاد العدد ازدادت المعاناة للمعلم في إدارة الفصل.
وأوضح العيد أن كثافة الطلاب في المدرسة لا تقدم ولا تؤخر عند المعلم الفعّال، إلا إذا كانت هذه الكثافة تؤثر على سير العملية التعليمية في غرفة الصف، وإذا لم يخرج المعلم من الأسلوب التعليمي التقليدي الذي يعتمد في الأساس على الجانب اللفظي اللغوي «أسلوب المحاضرة» فإن الكثافة الطلابية ستكون غير مُنصفة لكثير من الدارسين.
أشار: ولذا يمكن أن ينتج التعلم الجماعي التعاوني المخطط إليه الخالي من الضغوطات على المتعلم، تعليمًا أكثر فائدة في وقت أقل، وهنا لا داعي لأن نسأل عن الكثافة الطلابية؛ لأنها ستزيد إثراء المعلومات للطالب، في حال استثمارها بالطريقة التي نشير إليها.
المشكلات الموجودة في المباني المدرسية
ذكرت المواطنة سمر خالد أن «الالتماسات الكهربائية» التي قد تحدث في بعض المدارس، وخوف الأسرة على أبنائهم الطلاب، من أبرز المشاكل الموجودة في المباني المدرسية علاوة على زيادة كثافة الطلبة بالفصل عن استيعاب، وكذلك تهدم الأسقف وخلل المكيفات وانقطاع المياه.
وأضافت إنه يجب التركيز على عمل مبانٍ جديدة واسعة للطلبة للاستفادة منها خلال الأعوام القادمة، وكذلك إنشاء بنية تحتية قوية، ومبان حديثة لتوفير الراحة للطلاب.
من جانبها أوضحت المواطنة بشاير العمري أن حجم المباني المدرسية لا يتناسب مع عدد الطلاب، فالمبنى يبدو قديمًا، وعدد الطلاب كبير، خاصة أن بعض المدارس تضم مرحلة ابتدائية ورياض أطفال، ولا يوجد فاصل بين المرحلتين أو دورات مياه منفصلة، وأيضا يسبب الازدحام وقت الفسحة إزعاجًا كبيرًا وتصادمًا بين الطلاب، نظرًا لأن المكان ضيق والعدد كبير، وحتى الأكسجين لا يكون مناسبًا.
وبينت إنه يجب فصل المدرسة الابتدائية في مبنى مختلف عن رياض الأطفال، وتوفير ساحات لعب كبيرة لكل مرحلة، فالأطفال بحاجة لساحة لعب مناسبة لعمرهم لتنمية المهارات المطلوبة لديهم، وتوفير دورة مياه خاصة لأطفال الروضة.
وأشارت المواطنة العنود السبيعي، إلى أن المباني المدرسية جيدة شريطة الصيانة والتجديد في كل نهاية عام دراسي، وتوزيع الطلاب في الفصول بشكل متساوٍ بواقع 4 فصول تضم 25 - 30 طالبًا لكل سنة دراسية حتى نتلافى الازدحام وتراكم الطلاب في الفصل الواحد.
تضيف السبيعي: ويتحقق ذلك من خلال إنشاء مدارس حديثة توفر الراحة للطلاب والطالبات، وأيضًا توفير غرف مكيفة للحصص البدنية للطالبات، وغرف خاصة لتبديل الملابس، وبعض الخزانات لتلبية احتياجات الطالبات، وتخصيص عمالة كافية للحفاظ على نظافة دورات المياه باستمرار، وخفض عدد الطلاب في الفصل الواحد وتوزيعهم بشكلٍ متساوٍ، وتوفير معامل للمواد العلمية.
من جهتها قالت المواطنة شفاء النجار إن أهم المشاكل الموجودة في المباني المدرسية هي صغر مساحة الفصول، والتي لا تكاد تستوعب عدد الطلاب الموجود فيها، وغياب أركان للطلاب خاصة بالمراحل الأولية لكسر ملل الدرس، وتجديد النشاط، وكذلك عدم تناسب دورات المياه مع العدد الموجود والصيانة التي تكاد تكون منعدمة.
ولفتت إلى أنه لا توجد ملاعب بالرغم من إدراج مادة التربية البدنية، ولا يوجد مكان مهيَّأ لتناول وجبة الفطور، فالساحة هي المكان الوحيد للطابور والفسحة وتناول الطعام والألعاب البدنية والحفلات ومجلس الأمهات أو الآباء.