خالد الشنيبر

@Khaled_Bn_Moh

شهد سوق العمل مؤخراً عدة إصلاحات لتطويره وترقيته، ومن أهمها كانت مبادرة «تحسين العلاقة التعاقدية»، والتي من خلالها تم تنظيم حركة انتقال العمالة الوافدة بشكل أكثر مرونة، وفي هذا المقال سأتطرق لأحد مكامن الخلل التي تحتاج لإعادة النظر فيها بشكل عاجل فيما يخص تنظيم تنقل العمالة الوافدة بين المنشآت، مما أدى لتضرر القطاع الخاص منها بشكل كبير بسبب تمادي العمالة الوافدة.

عندما يجد العامل الوافد فرصة وظيفية أخرى بالرغم من سريان عقده ورفض صاحب العمل الحالي لانتقاله وفقاً لعقد العمل المبرم والموثق بين الطرفين، يتجه العامل الوافد للتغيب عن العمل لمدة أكثر من 15 يوماً متصلة حتى يتم تطبيق المادة الثمانين من نظام العمل، والتي تجيز لصاحب العمل فسخ العقد دون مكافأة العامل أو تعويضه، ويمكن للعامل في هذه الحالة عند رفع بلاغ انقطاع عن العمل أن يقوم بنقل كفالته لصاحب عمل آخر حتى لو كان منافساً لصاحب العمل السابق، وبذلك وصل العامل الوافد لمبتغاه، ولحق الضرر بصاحب العمل السابق دون أي حماية له.

في الوقت الحالي؛ يُشترط على صاحب العمل لرفع بلاغ «انقطاع عن العمل» أن يكون عقد العامل الوافد غير ساري، أي أن يقوم صاحب العمل بإلغاء عقد العمل وفقاً للمادة الثمانين من خلال منصة قوى، وأن تكون رخصة عمل العامل لا تقل مدتها عن 60 يوماً، وفي حال انقطاع العامل عن العمل ومتبق في رخصة العمل فترة أقل من 60 يوماً لا يتم قبول الطلب، وعلى صاحب العمل تجديد رخصة العمل لمدة 3 أشهر كحد أدنى، مما يعني دفع صاحب العامل رسوما إضافية بدون الاستفادة من خدمات العامل حتى يحمي نفسه من المخالفات التي قد يواجهها كحماية الأجور على سبيل المثال.

من خلال تلك الإجراءات نجد أن صاحب العمل السابق هو المتضرر الأكبر، والذي لا يجد أمامه إلا خياراً واحداً وهو رفع دعوى عمالية على العامل «برسوم قضائية في الوقت الحالي» مطالباً بتعويضه عن عدم الالتزام بالعقد بالإضافة للنظر في موضوع المنافسة وفقاً للمادة الثالثة والثمانين «إذا كان منصوصا عليها في عقد العمل»، والتي للأسف لا يتم تطبيقها فعلياً كما هو منصوص في نظام العمل.

حتى يكون هناك تطبيق فعلي لمفهوم تحسين العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل، وحمايةً لسوق العمل من أي ممارسات غير نظامية، أرى كوجهة نظر شخصية عند تغيب العامل الوافد عن العمل بدون إكمال واحترام عقد عمله الحالي بحجة الانتقال لصاحب عمل آخر، أن لا يتم السماح له بالانتقال لأي صاحب عمل جديد، وأن يتم إيقاف خدماته فوراً لعدم احترامه لأنظمة العمل في المملكة ويتم استبعاده ومنعه عن العمل في السوق السعودي، ومن المهم أن تكون هناك مرونة أكثر في إجراءات رفع بلاغات الانقطاع عن العمل، وذلك من خلال حذف اشتراط أن تكون المدة المتبقية في رخصة العمل للعامل المتغيب 60 يوماً كحد أدنى حتى يتسنى لصاحب العمل رفع البلاغ بشكل رسمي.

إضافة لذلك؛ نظام العمل في القطاع الخاص من المفترض أن يحمي أصحاب الأعمال فيما يخص عدم المنافسة وإفشاء الأسرار وفقاً لضوابط محددة في المادة 83 من نظام العمل، وهذا الأمر تم تأكيده في كثير من المنشورات الخاصة عند الإعلان عن مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية، ولكن من اطلاع على الوضع الحالي نجد أن المحاكم العمالية تتفاوت في قراراتها حول هذه المادة، وهذا التفاوت يضر بسمعة سوق العمل السعودي ولا يحمي أصحاب العمل، وبسبب هذا التفاوت خاصة فيما يعرف بمفهوم «المنافسة» نجد توجه أغلب المنشآت لنقل أقسام عديدة من موظفيها لخارج المملكة، وهذا الأمر يخالف الترقيات والإصلاحات الإيجابية التي تعمل عليها وزارة الموارد البشرية.

ختاماً؛ أنا على ثقة بأن مسؤولي وزارة الموارد البشرية سيعيدون النظر في هذا الخلل، والذي تضرر منه العديد من أصحاب الأعمال، ويتم استغلاله بطريقة بشعة من بعض العمالة الوافدة بدون أي احترام لأنظمة العمل.