نبكي..
ونبكي..
ونبكي..
حين نرى الأطفال يصرخون.. يبكون.. يستنجدون من تحت الأنقاض الذي سببته الزلازل المدمرة في كل من تركيا وسوريا.
طفلة سورية تستغيث: «طلعني عمو وبصير عندك خدامة».
وفي بلدة جنديرس شمال سوريا، انتشل سكان وعمال إنقاذ رضيعة وُلدت بأعجوبة تحت الركام، وبقيت متصلة عبر حبل السرة بوالدتها التي توفيت بعدما دمر الزلزال منزل العائلة.
ولدت الصغيرة يتيمة، بينما قتل أفراد أسرتها جميعاً: والدها ووالدتها مع أشقائها الأربعة، إضافة إلى عمتها.
المرارة والحسرة في قلوبنا وعيوننا.. نذرف الدمع من عيوننا وتتألم قلوبنا.
وكعادتها، بادرت المملكة لمد يد العون إلى الشقيقة سوريا والصديقة تركيا، فقد وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتقديم الدعم والمساعدة لكل من تركيا وسوريا بعد الزلزال، من خلال إرسال فرق إنقاذ وتسيير جوي إغاثي يشمل مساعدات طبية وإنسانية بصورة عاجلة.
ومع آلام القلوب لاستغاثة الذين يرجون الإنقاذ من أطفال وشباب وكهول، ومع استخراج عمال الإنقاذ أشلاء من السكان الذين هوت مبانيهم عليهم وأجساد خضَّبها الدم، مع كل هذا، أصبح ما بعد الزلازل أقسى من حدوث الزلازل نفسها.
عيون مذهولة.. أجساد ممزقة.. دماء متناثرة بعد انتشال الأجساد.. صرخات استغاثة.. نحيب يمزق القلب.
كل صرخة واستغاثة طفل تستحيل في أعماقنا ضربة خنجر يستحيل نسيانه.
لن ننسى أطفال سوريا تحت أسقف منازلهم وهم يتأوهون ويطلبون ببراءتهم إخراجهم من الركام.
مهما مات الضياء.. البراءة لا تموت.
لن ننسى رجال سوريا والدماء تغطي وجوههم ورؤوسهم!
لن ننسى سيدات سوريا وغبار الركام يحاول تغطية مسحة الجمال في الوجوه!
لن ننسى أولئك الذين لم يعودوا إلى بيوتهم وظلوا في العراء والصقيع خوفا من توابع الزلازل!
لن ننسى ولن ننسى ولن ننسى.
وليس لنا إلا أن:
نبكي..
ونبكي..
ونبكي..
كما لم نبك من قبل!!
نهاية:
الليلةُ عدنا أغرابا
والعُمرُ شتاءْ
فالشمسُ توارتْ في سأمٍ
والبدرُ يجيءُ بغير ضياءْ
أعرفُ عينيكِ وإنْ صِرنا
بعضَ الأشلاءْ
طالتْ أيامي أمْ قَصرتْ
فالأمرُ سواءْ
قد جئتُ وحيداً للدنيا
وسأرحلُ مثل الغرباءْ
فاروق جويدة